[x] اغلاق
أتركوا بلادنا , نريد العيش بسلام
18/10/2010 13:59

سأعود ألان إلى الحكايات قديمة ألتي تتآكل من الداخل كالمعادن الصلبة الحارة والتي تتحرك كأبرا مسمومة في مفاصل جسد أبناء هذا الشعب الذي يرتعش كل لحظة..سأعود لأن هوايتي الجرأة وهدفي سام لا حدود له أما قلمي الخشبي لا يخاف عند كتابة الحقيقة ,وينكب لنصرة الحق ونبذ الباطل ولأنه ما من إنسان حر شريف ومؤمن ولد ليهاب الحق والحقيقة , لذلك سأعود وأكتب ما دامت نبضات قلبي الحية تزف الدماء لشراييني, وسأكتب دون خوف يذكر حتى تجف كلماتي الحرة الأبية فوق جثتي فداء للمسيح......
ومن يتهيب صعود الجبال        يعش أبد الدهر بين الحفر

 أن هدفي اليوم هو توصيل الفكرة وإيضاح المهزلة التي تحاك يومياً ضد المسيحيين والمسلمين والدروز بحد سواء والتي تؤثر سلبيا على العلاقات الحميمة والصداقة المتينة التي ربطت ووحدت أبناء الشعب الواحد تحت عنان أسود واحد على مر السنين, فان المسيحيين في البلاد المقدسة هم جزء ديمغرافي واجتماعي وثقافي لا يتجزأ من سكان هذه البلاد, فنحن ولدنا هنا وسنبقى هنا صامدون على ارض داسها من هو أعظم منا , لذلك فأن واجبنا الأساسي هو الحفاظ عليها ونصرتها بالخير والمحبة فنكون قد كسبنا محبة الرب.
لقد دأبت منذ ثلاثة سنوات وحتى هذه اللحظة بالدراسة وبالكتابة عن الهجرة المسيحية من الشرق وأسبابها وتأثيرها على المنطقة من كل النواحي الثقافية منها أو الاجتماعية ,فهجرتنا من الشرق ستترك فراغا شاسعا نتيجة لثقافتنا المتنوعة ممثلة بمؤسساتنا الكنسية ،فلقد خلقنا تحدياً مستمراً في الثقافة والفكر, وهجرتنا من هذا الشرق تلغي هذا المعنى وهذا المفهوم، باعتباره تنوعاً غنياً وشبة معدوم، وتسلخ فئة كبرى عن أصولها العرقية والثقافية الأصلية لتحولنا إلى غرباء في أوطاننا ,فعندما اخط عن القضية المسيحية أصمت احتراما لقضيتي ,وأتعمق بعمق القضية ... أعيشها ,ادقق بأدق تفاصيلها , وأرسمها كل يوم في مخيلتي لأنها رسالتي , رسالة لا تدفعنا إلى القنوط واليأس بل أنها رسالة مليئة بالحب والأمل وشحذ الهمم ومسح مرارة كل الإحداث التي مررنا بها,أنها رسالة بقاء وصمود في أرضنا , لذلك صمتُ لأني بكل بساطة لم أكن أملك جوبا , لم أملك جوبا لكل ما يحدث من حولي,معاناة ارتسمت معالمها بفرشاة الإرهاب في العراق ومصر ولبنان منذ سنين ومازالت تحدد حيثياتها بالدم,ولكن الحق أقولة لكم أنة لم يخطر لي يوما أنني  سأسمع وأكون شاهدا على تنظيمات إرهابية في البلاد المقدسة وأصوات شاذة شربت من مياه المستنقعات , تحاول فتح فاها لبث رائحتها النتنة الكريهة للمس بالمسيحيين والمسلمين واليهود بحد سواء.. ففي هذا العام  وقبل عدة أشهر بالتحديد, سلسة من الاعتقالات قامت بها الشرطة الإسرائيلية طالت بعض الشبان من منطقة الجليل , حيث وجهت لهم تهم أمنيه بغاية الخطورة ومنها التخطيط لعمليات إرهابية ضد بعض الأهداف في الجليل , ومحاولة الاعتداء على قداسة البابا المعظم خلال زيارته الأخيرة لمدينة  البشارة  والتخطيط لخطف والاعتداء على شبان مسيحيين من الجليل لأسباب عنصرية طائفية بغيضة هدفها ضرب العلاقات الطيبة التي وحدت هذا الجليل منذ عقود, وها اليوم وفي أوائل شهر أكتوبر من هذا العام نشرت صحف ومواقع عربية خبر مفاده اعتقال شيخ من منطقة الناصرة أيضا وبتهم خطيرة جدا ومنها تنظيم نشاط غير قانوني ودعم منظمة إرهابية، والتخطيط لتنفيذ جريمة ,ناهيك أننا كلنا نتذكر بياناته التي نادت بمنع زيارة البابا الى الناصرة والتصدي لها , فأن النشاط المتبع لهذا الشيخ و جماعته دعوي يهدف إلى نشر فكرة الجهاد العالمي وتوثيقه و الترويج للجماعات الإسلامية المتطرفة من خلال التعاطف مع الأيديولوجيات المتطرفة و مدح الأعمال الجهادية بشتى أنواعها ,واكبر دليل على ذلك أقامة صلاة برعاية الشيخ على أرواح قادة القاعدة في العراق الذين هم أنفسهم من قتل سكان العراق مسيحيين ومسلمين , لذلك لقد  قررت الكتابة متأثراُ بمقولة لوليام فولكنر"إنّ العمل العظيم لا يكتبه إنسان خائف"  معبرا عن قلقي التام إزاء هذه الخلايا وتأثيرها على الأجيال الشابة ومدى شعبيتها وعظمتها في المنطقة, ومعبرا عن الخطورة الشديدة لمثل هذه الجماعات والتي تهدف لنشر الأصوليات الدينية , محذرا من أثارها المستقبلية الخطيرة على المنطقة بأكملها وذلك حفاظا مني على بلادنا وعدم انجرارها نحو الهاوية..وللموضوعية في كتباتي رغبت بتفسير المصطلح "شيخ" لإيضاح الصورة بأن الحديث يدور عن "شيخ" فوجدت أنها كلمة تبجيل وتطلق على الأستاذ والعالم وكبير القوم أي الإنسان الكبير في أعين القوم علماً أو فضيلة أو مقاماُ... ولكن ذو الفضيلة والعلم والمعرفة لا يحاول المس بأبناء بلادة وبشبابها ولا يهيج نيران أفكار هدامة تحاول بث الوقيعة بين أبناء الشعب, هذا اذا كنا نحن "المسيحيين" في نظره فئة من فئات هذا الشعب طبعاً .. بل وظيفته هي عكس ذلك وواجبه كشيخ رفض التفريق بين الناس على أساس المذهب أو أي بعد أخر والبعد عن المزايدات وإتباع أسس الحوار الشريف والعمل على تقريب القلوب والأفكار وزيادة الوعي للمحافظة على روح المحبة بين أفراد المجتمع الواحد ...أنها مصيبة وكارثة وسأرددها دوماً , أذا كان حال الراعي ذي الفضيلة والعلم والذي هو أداة رئيسية لشرح وتعليم المعاني السامية في القرآن الكريم بهذه الحالة فما حال باقي الرعية يا أحبائي ..يا شيخنا اخرج من خلف القضبان وناد للسلام , ما أجمل السلام في وطن السلام وكن شريكا لنا في هذه الأرض المثمرة بأهلها وناسها ..


اليوم ومنذ ألان أنا سيد التعبير عن ما في قلبي من أوجاع وأنتم أسياد الصمت والعزلة والتأمل, فان الذاكرة تباغتني في خلوتي,غرباء كنا أم نحن ألان غرباء , الوطن في القلب والناس الطيبين فوق هذه الأرض هم أهلي وناسي ولكن ما سر هذه الكراهية والعداوة والأسئلة التي ستظل تبحث عن أجوبتها المستحيلة, أشياء كثيرة تغيرت, الأرض التي أحببنا صارت مريضة تتأجج بالعنصرية وتزداد مرضاً , الناس الذين قاسمونا النور والهواء والنسمات والحزن قسم كبير منهم قد تغير اتجاهنا ,الضباب يزداد كثافة ليعرقل تواصل القلوب, أما الذين لم يتغيروا وهم قلة فهؤلاء أناس أشبههم بقطرات المطر الذي يتسرب من حين لأخر بين الأتربة الجافة والقلوب المتجمدة ليذيبها وليحيي العلاقات من جديد , يا أخواني , ليست لدي أيه مكرسات تقليديه أعتنقها وأقوم على خدمتها , أنا شريد في ضوء البحث عن الحقيقة طالما قد هزت أساريري لمعرفة ما قد غفي عن ذهني, ابحث عن المصداقية مرتبطا بالتطلع الأسمى إلى سبر الحقيقة واستشفاف المبهم,وأيقاظ الهاجعين , وتحقيق العدالة وإنصاف ألإنسان وكل ذلك لآني أحب بلادي , ومؤكدا ومشددا أن مقالاتي هذه ليست للتعميم ولا تحمل في طياتها الحث على فكر عدواني أو عنصري لا سمح الله فأنا لا أحمل أفكارا عنصرية مقيتة بل أنا وأمثالي ضحية العنصرية , فهنالك أشخاص خرجوا عن المسار العقلاني مستهدفين تعميق الفرز الطائفي بين أبناء الجليل الذي تشهد له أوراق التاريخ بالتمازج والانسجام على مدى العصور , فأين أنت يا شيخ الأقصى , اتخذوا من شيخ الأقصى مثالا لكم , اتخذوا من شيخ الجليل مثالا لكم , حتى القضبان الحديدية الموجود خلفها الشيخ رائد صلاح لو حكم لها بأن تتكلم لتكلمت بالحق والتوبة والسماحة والوحدة..أتركوا بلادنا فنحن بحاجة للسلام والمحبة,فلا يقدر قيمة الوحدة إلا من عاش في ظل التشطير، فالوحدة أتت كطوق نجاة لنا جميعاً ,فقوتنا كبشر تكمن في توحدنا ووقوفنا صفاً واحداً تجاه من يريد المساس بسمعة وكرامة هذه الأرض الطيبة التي أنبتت قلوب طيبه  , فلنفتخر نحن متميزون .