[x] اغلاق
لا تجهضوا مبادرة المهاتما البرغوثي الجديدة للمقاومة الشعبية السلمية
9/1/2012 15:15

 

لا تجهضوا مبادرة "المهاتما" البرغوثي الجديدة للمقاومة الشعبية السلمية

زياد شليوط

 

في هذه الأيام يلتقي مفاوضون فلسطينيون رسميون مع نظراء اسرائيليين لهم، في العاصمة الأردنية عمان، بناء على مبادرة جديدة للملك الأردني، وكأنه يمكن أن يخرج جديد من سلسلة المفاوضات وجس النبض للتفاوض بين الطرفين. في الوقت الذي لم تمض فيها أيام معدودة على الرسالة التي وجهها القائد مروان البرغوثي من سجنه الى الشعب الفلسطيني بمناسبة ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية (فتح)، والتي قال فيها أن عملية السلام قد فشلت وانتهت ولم يعد هناك أي جدوى من بذل المحاولات اليائسة لبعث الحياة في جسد ميت، داعيا للتوقف عن تصدير الأوهام بإمكانية البناء عليها، وإلى ضرورة التوجه نحو استراتيجية فلسطينية وطنية جديدة. وبدل أن تستمع قيادة السلطة الفلسطينية الى مروان البرغوثي فانها تجري وراء أوهام تزرعها بعض الزعامات العربية، ولم تتعلم من دروس التاريخ أن الجري وراء هذه الأوهام لا يجلب الا مزيدا من الوهم وبالتالي الوقوع في مطبات لا تعود بالفائدة على الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.

والى ماذا يدعو البرغوثي في رسالته المذكورة؟ انه يدعو بالدرجة الاولى الى الرهان على "شعبنا وقواه الحية وأجياله الشابة وسواعد أبنائه". فالرهان يكون على الشعب صاحب القضية وليس على من ساهم في نكبة هذا الشعب وضياع قضيته العادلة، أو من تآمر عليها في مرحلة من المراحل. وبدل أن تتوجه السلطة الفلسطينية الى الشعب وأجياله الشابة خاصة، فانها تلجأ الى الطريق السهل طريق الأنظمة والتي لم تجلب ولن تجلب النتيجة المرجوة. يضاف الى هذا الى أن مهمة بناء الأجيال الشابة واعدادها لم تعد من أولويات السلطة بعد اجهاض منظمة التحرير ودورها، والتي كانت تقوم بهذا الدور وتتنبه له.

بعد ذلك دعا مروان البرغوثي، الى اعتبار عام 2012 عام المقاومة الشعبية السلمية واسعة النطاق في مواجهة الاستيطان والعدوان وتهويد القدس والحصار والحواجز، الى جانب مواصلة العمل في الأمم المتحدة لإنتزاع عضوية دولة فلسطين في كافة المحافل الدولية وفي الأمم المتحدة، وعدم التراجع أمام الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة واسرائيل. وهنا لا يكتفي القائد الوطني الفلسطيني بطرح الشعارات والأفكار، انما يلجأ الى مبادرة وخطة شعبية للعمل بموجبها ويمكن تطبيقها. ومبادرة البرغوثي الجديدة جاءت بعد تجربة طويلة للشعب الفلسطيني في تبني فكرة المقاومة المسلحة والتي لم تعد تصلح للواقع الجديد في المنطقة، ولما تم تثبيته على الأرض الفلسطينية من وقائع لا يمكن تجاوزها، كذلك بعد تجربة شخصية وعملية للبرغوثي نفسه في الانتفاضة الفلسطينية وخاصة الثانية منها. من هنا تأتي أهمية هذه المبادرة والتي على الفصائل الفلسطينية المنضوية تحت لواء منظمة التحرير، وخاصة حركة فتح أكبر تلك الفصائل وصاحبة التاريخ النضالي، والتي ينتمي اليها البرغوثي وتتحمل مسؤولية السلطة الفلسطينية، عليها أن تدرس هذه المبادرة الجديدة والهامة وتطويرها نحو العمل بها. خاصة وان هذه المبادرة لا تتعارض مع مواصلة العمل بالأسلوب الدبلوماسي الدولي وفي أروقة الأمم المتحدة، بل على العكس فانها تعزز المطلب الدبلوماسي، حيث لا يمكن لاسرائيل وامريكا الادعاء بأن الفلسطينيين يمارسون العنف و"الارهاب" ويواصلون حمل السلاح.

كما يمس مروان البرغوثي جانبا هاما من جوانب محاربة اسرائيل سلميا، وهو مواصلة العمل من أجل أوسع مقاطعة دولية لاسرائيل اقتصادياً وسياسياً إعلامياً ودبلوماسياً وعسكرياً ووقف كافة اشكال التعاون معها، كذلك رفع وتيرة وتوسيع مقاطعة المنتوجات والبضائع الاسرائيلية واخلاء الاسواق الفلسطينية منها. هذا الجانب الذي أهمل ولا يتم التعامل معه بجدية ومثابرة، وهو سلاح فعال بلا شك.

هنا نرى أن البرغوثي يتبنى طريق المهاتما غاندي، محرر الهند في اللجوء الى المقاومة السلمية، التي تعتمد على وحدة الشعب ووعيه وقوة ارادته، وهذه المبادرة تؤكد على انفتاح وتطور ذهن وتفكير البرغوثي وهذا ما يجب أن يتوفر بالقائد الوطني المخلص لشعبه، والساعي الى انهاء معاناته وتحقيق أمانيه وطموحاته العادلة. وربما ذلك يخيف اسرائيل التي ترفض اطلاق سراحه رغم التوجهات العديدة لها، وما نخشاه أنه يخيف السلطة وحركة حماس التي لم تعمل بما فيه الكفاية لضم مروان البرغوثي الى "صفقة شاليط" واطلاق سراحه، وبنظرة القائد الوطني أكد البرغوثي في رسالته على أهمية الانجاز الوطني الكبير الذي تحقق باطلاق سراح مئات المناضلين في صفقة التبادل بين حماس واسرائيل، ودعا السلطة الوطنية ومنظمة التحرير والفصائل، العمل على تحرير كافة الاسرى والمعتقلين ووضع استراتيجية وطنية شاملة لتحقيق هذا الهدف الوطني.

(شفاعمرو/ الجليل)