[x] اغلاق
علامَ الخلف (حول سوريا) بيننا علامَ ؟
24/2/2012 13:45

 

علامَ الخلف (حول سوريا) بيننا علامَ ؟

زياد شليوط

 

توقفت هذا الأسبوع أمام السؤال الكبير والذي وضعته عنوانا لمقالي هذا. وكررت السؤال أكثر من مرة بيني وبين نفسي. وذلك على ضوء النقاش المستفحل فيما بيننا، ليس بين الأحزاب والقوى السياسية فحسب، بل بين الناس العاديين الذين كلما التقى شخصان منهما فتحا نقاشا حول سوريا لا ينتهي. والخلاف يتسع ويحتد ويصل الى حد الصراخ وربما الخصام. وهنا لا بد من العودة الى البداية.

مع بداية ما يسمى بالثورات العربية أو الربيع العربي أو الانتفاضات وليست هناك تسمية متفق عليها وواضحة وتعبر عما هو حاصل. لم تشهد ساحتنا المحلية نقاشا كما شهدت في الحالة السورية، مما يؤكد أن وضع سوريا يختلف عن باقي الدول العربية. فنحن كنا متفقين على أن الأنظمة العربية فاسدة وديكتاتورية وعميلة للغرب الأمريكي خاصة وتخون مصالح شعوبها وقضاياها الوطنية. وكنا نفرق بين أنظمة وطنية وأنظمة خائنة لمصالح شعوبها وتابعة للغرب، وكنا نقف الى جانب الأنظمة الوطنية على علاتها ورغم كل نقاشاتنا معها، إلا أننا كنا دائما نناصرها على أعدائها وعلى الغرب والرجعية العربية. وهكذا عندما وصلنا الى الحالة السورية، رأى البعض الخروج عن هذا المعتاد وعن الثوابت التي كنا نسير بموجبها وذلك باسم "الديمقراطية" ومحاربة الفساد والتسلط وغيرها.

اننا نتفق على عدائنا للغرب وكل ما يمثله من عداء مستحكم لشعوبنا ومصالحنا القومية والوطنية، وتآمره على الوطن العربي وتقسيمه في الماضي والحاضر وأيضا في المستقبل. اننا متفقون على الفرز بين الأنظمة المتآمرة على مصالح شعوبها والخادمة للمصالح الغربية. اننا اعتدنا على الوقوف الى جانب الدول العربية وشعوبها وأنظمتها في مواجهة الاعتداءات الخارجية وخاصة من دول حلف الناتو وأتباعها. هل نسينا العدوان الثلاثي على مصر عبد الناصر عام 1956 ووقفة الشعوب العربية؟ هل نسينا وقوف الشعوب العربية ضد الأحلاف المشبوهة مثل حلف بغداد وغيره؟ هل نسينا وقفتنا ضد احتلال أراضي الدول العربية، مصر، سوريا والأردن دون أن نكترث لنوعية الأنظمة واختلافها  في عدوان 1967؟ لماذا وافقنا عندها ووقفنا كلنا نفس الموقف، ولم نسأل عن الديمقراطية والفساد. فهل كانت الأنظمة في حينه نظيفة وغير فاسدة وديمقراطية؟ فلماذا نخرج اليوم عما اتفقنا عليه بالأمس؟

سيقول البعض أن الدنيا تغيرت، حسنا. لكن هل تغيرت المباديء والقناعات والثوابت الوطنية أيضا؟ وسيقول البعض أن الشعوب تحركت وواجبنا الوقوف الى جانب الشعوب وليس الأنظمة. وهذا أيضا صحيح وأصحاب الطرح صادقون، ونحن أيضا معهم، لكن لننظر جيدا ونتأمل. هل حقا أن الشعوب التي قامت بالثورات بقيت مسيطرة على الوضع وحققت مطالبها بشكل ديمقراطي؟! باستثناء مصر وتونس انظروا ماذا حدث في العراق، هل الشعب هو الذي خلع الديكتاتور صدام حسين وحاكمه وأعدمه أم أمريكا؟ وفي ليبيا أيضا، ألم يتم قتل القذافي بشكل بشع ومقزز وإعدامه تحت نظر حلف الناتو الغربي؟ وكذا في اليمن، واليوم يريدون تنفيذ نفس السيناريو في سوريا. أليست هي أمريكا وفرنسا وبريطانيا (الثالوث الدنس)، التي تسعى لتقسيم سوريا الى دويلات وكانتونات طائفية والقضاء على نظامها الوطني؟ أليس الغرب ومن معه من أصحاب المصالح والأطماع الاستعمارية صاحب المصلحة الأولى في تفتيت الوطن العربي لمنع قيام أي كيان عربي قوي موحد؟

والسؤال اليوم وما دمنا هنا نتفق على الثوابت التي نشأنا عليها، لماذا نتخلى عن سوريا ونقف مع أمريكا؟ دعونا لا نلف ولا نبرر هذه الوقفة، حتى لو جاءت مصادفة فهي في النهاية ستحسب علينا، أننا وقفنا يوما مع أمريكا ضد دولة عربية. فهل نرضى عندها مصيرا لسوريا مشابها لمصير العراق وليبيا وغيرها؟ هل نوافق على إسقاط النظام الوطني في سوريا وتقسيمها طائفيا وعشائريا؟ هل نسكت عن المؤامرة على سوريا والوطن العربي؟ وبما أننا ننطلق من نفس الثوابت الوطنية والأسس المدنية، دعونا نعيد ترتيب أولوياتنا ونجملها في النقاط التالية ونحن متفقين، وهكذا نحسم خلافنا الداخلي فيما بيننا:

1)   إدانة أي تدخل خارجي وخاصة غربي في الشؤون السورية الداخلية، والدعوة الى رفع الأيادي الغريبة عن سوريا.

2)   الدعوة الى وقف التسليح وأعمال القتل من قبل أي طرف، وتوكيل الجيش والدولة بالحفاظ على الأمن الداخلي والأمان للمواطنين جميعا.

3)   عدم التعرض للمعارضين الوطنيين بالإساءة وإطلاق سراح المعتقلين.

4)   الانتقال الى حياة ديمقراطية سليمة في سوريا، ومواصلة مسيرة الإصلاحات الداخلية وإقرار الدستور الجديد.

(شفاعمرو/ الجليل)