[x] اغلاق
هل تسقط خبرة العجوز فيرغوسون أمام الشاب غوارديولا؟
25/5/2009 10:17

عندما تدق ساعة الصفر في الاستاد الأولمبي في مدينة روما إيذاناً بانطلاق المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا في كرة القدم بين فريقي مانشيستر يونايتد الإنجليزي حامل اللقب وبرشلونة الإسباني في 27 مايو الحالي، فإن كثيرين سيعتبرون أن ثمة قواسم مشتركة كثيرة بين الفريقين هذا الموسم أدناها الظفر بالزعامة الأوروبية، وسقفها الأعلى الفوز بثلاث بطولات هذا الموسم.

لكن حين تتجه الأنظار إلى المنطقة التي يقف فيها عجوزٌ وشاب، فإن الشعور يتولّد بسرعة أن هناك فارقاً كبيراً بين السير أليكس فيرغوسون مدرّب مانشيستر يونايتد صاحب الـ67 عاماً، وخوسيب غوارديولا مدرّب برشلونة ابن الـ38 عاماً.

فحين تولّى فيرغوسون مهمّته التدريبية الأولى في فريق إيست ستريلنغشاير الاسكتلندي وكان يبلغ يومها 32 عاماً، فإن غوارديولا لم يكن تعدّى الثالثة، وتكفي الإشارة إلى ما تناولته صحيفة ميرور البريطانية قبل أيام عندما ذهبت للقول أنه بينما كان البعض يتعلّم الأحرف الأولى كان "فيرغي" يصعد لمنصّات التتويج.

وتحوّل مدرّب الشياطين الحمر الذي كان يتقاضى 40 جنيه استرليني في الأسبوع ويعمل بدوامٍ كامل مع إيست، إلى أكثر المدرّبين إحرازاً للألقاب في تاريخ الكرة الإنجليزية والبريطانية على حدٍ سواء.

وعلى الرغم من أن "السير" يقترب من إكمال عامه الثالث والعشرين مع مانشيستر، إلا أنه لا يزال يعيش الحماسة المفرطة للارتقاء إلى مستوى التحدّي وإحراز الألقاب المحلية والخارجية التي جمع منها أكثر من 25 لقباً حتى الآن، وهو يقف مرّة أخرى متابعاً لزملائه في المهنة يحزمون حقائبهم للخروج من ميادين المنافسة والبحث عن مغامرة جديدة مع نادٍ آخر، بينما يبدو مرتاحاً إلى وضعه وداعياً الأندية لإعطاء الفرصة لمدرّبيها بعدما ذاق بنفسه خيبة البداية ومعنى النهوض من الكبوات للسير على طريق المجد.

فبعد عجزٍ استمرّ طوال أربعة مواسم ضاق خلالها جمهور أولدترافورد ذرعاً بما يقدّمه هذا الاسكتلندي، كان الفوز بكأس إنجلترا عام 1990 على حساب كريستال بالاس وبهدفٍ للمدافع لي مارتن بمثابة سفينة الإنقاذ التي أبحرت فيما بعد نحو لقب الدوري للمرة الأولى منذ 26 عاماً لتنطلق رحلة السيطرة شبه المطلقة على الصعيد المحلي.

وصحيح أن فيرغوسون لم يكن يومها ذلك المدرّب الذي يتمتع بفلسفة تكتيكية هائلة على غرار مواطنه مات باسبي الذي كان الأفضل وصاحب الأرقام القياسية في مانشيستر قبل وصوله، إلا أنه نجح بفعل حسن إدارته لمشروعه الهادف للتركيز على قطاع الناشئين وإيجاد شبكة واسعة من الكشّافين لاقتناص أفضل المواهب الواعدة، حتى أنه لم يتردّد في زيارة أولياء هؤلاء اللاعبين لإقناعهم بجدوى انضمام أبنائهم إلى مانشيستر.

وبموازاة ذلك، فإن الأسلوب الصارم الذي اتّبعه للتخفيف من وهج نجومية لاعبيه، مضطلعاً بدور المفاوض الأول عند إتمام العقود أو تمديدها، دفع البعض للتخلّي عن القميص الأحمر، ومنهم بول إنس وديفيد بيكهام وغوردون ستراكان والترينيدادي دوايت يورك والهولنديان ياب ستام ورود فان نيستلروي، ومع ذلك بقي صامداً بوجه كل العواصف، موجّهاً سهام كلامه القاسي إلى الكثيرين من "أهل الدار" قبل الخصوم والذي كان آخرهم النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو الممتعض من تغييره في مباراة مانشيستر سيتي في الدوري المحلي قبل فترة.

ولم يعد السؤال في أولدترافورد عن الألقاب بقدر ما تحوّل لمعرفة التوقيت الذي سيعلن فيه فيرغوسون اعتزاله التدريب.

وكانت وسائل إعلام بريطانية ذكرت في العام الماضي أن أليكس فيرغوسون، الذي كان قد أعلن اعتزاله قبل 8 أعوام، لا يعتقد بأنه سيستمر في العمل بعد بلوغه سن السبعين.

ونقلت عنه قوله: "يجب أن تفكّر في الوقت من أجل نفسك، أعتقد أن زوجتي التي أقنعتني بالتراجع عن قرار الاعتزال في المرة الماضية لن تفعل ذلك الآن".

غوارديولا الشاب في المقابل لا يمكن تجاهل ما فعله غوارديولا مع الفريق الكاتالوني هذا الموسم بدءاً بقيادته إلى لقب كأس إسبانيا، ثم إلى لقب الدوري المحلي، وإلى النهائي.

ويرى الخبراء أن برشلونة مع "بيب" يمثّل نموذجاً مثالياً لفريق كرة القدم ، فهو صلب في الدفاع ورائع في منتصف الملعب وحاسم في الهجوم ما خوّله تسجيل أكثر من 100 هدف في الدوري، الأمر الذي سمح له بسحق خصومه لعلّ أبرزهم الغريم التقليدي ريال مدريد والذي أسقطه بسداسية على ملعبه في سانتياغو بيرنابيو.

وكان قائد برشلونة السابق تولّى تدريب الفريق في تموز الماضي خلفاً للمدرّب الهولندي المقال فرانك ريكارد، وهو ما اعتبره البعض مفاجئاً لكونه لا يملك خبرة تدريبية على مستوى المسابقات الكبيرة.

ولعل النجاح الذي حقّقه غوارديولا دفع إذاعة (رامبلا) الكاتالونية للقول إنه: "لا يوجد في هذه الأيام من يتحدّث عن خوان لابورتا (رئيس النادي)، لأن نجاحات غوارديولا أنقذته من فقدان منصبه الرئاسي".

غوارديولا "ابن برشلونة" أقنع بالفعل المنتقدين والجماهير وهو يرى أن بإمكانه قيادة الفريق للفوز بدوري أبطال أوروبا، رغم أن الفريق المقابل يقوده رجل خبير هو أليكس فيرغوسون.

ويبدو أن المدرّب الساعي لتحقيق اللقب كمدرّب بعدما ظفر به كلاعب عام 1992، يريد تكرار ما فعله سلفه فرانك ريكارد والذي قاد برشلونة للبطولة عينها عام 2006 على حساب الأرسنال الإنجليزي الذي يقوده مدرّب خبير أيضاً هو الفرنسي أرسين فينغر.

يستند المدرّب الشاب في كلامه إلى ترسانة النجوم التي يملكها وفي مقدّمتها الأرجنتيني ليونيل ميسي هدّاف المسابقة برصيد 8 أهداف والكاميروني صامويل إيتو هدّاف الدوري الإسباني والفرنسي تيري هنري الذي تحوم الشكوك حول مشاركته، أضاف إلى كوكبة أخرى من اللاعبين المدافع الصلب بويول وإنييستا.

ترعرع خوسيب في النادي وسجّل اسمه ضمن الجيل الذهبي الذي قاده الهولندي الطائر يوهان كرويف، وفاز مع "البارشا" بالعديد من الألقاب المحليّة والخارجية قبل أن ينتقل إلى إيطاليا للعب مع روما ثم بريشيا ثم أنهى مسيرته مع الأهلي القطري.

بدأ مسيرته التدريبية في الموسم الماضي مع الفريق الثاني في برشلونة وقاده للصعود إلى دوري الدرجة الثالثة.

ويبقى القول أن "امتحان روما" سيقدّم مشهداً ربما يعتبره البعض متناقضاً لكن النهاية السعيدة لأي من المدرّبين هي التي ستقول كلمة الفصل.