[x] اغلاق
حريّة الصحافة... لا حريّة الفصاحة!!
24/5/2012 16:04

 


حريّة الصحافة... لا حريّة الفصاحة!!

بقلم: مارون سامي عزّام

بعد أن هدأت العاصفة التي أثارها مقال الأخ تهامة نجّار تحت عنوان "بأي حال عُدتَ يا عيد"، التي انتقد فيها قدس الأب إندراوس بحّوث، دون داع، جاء المقال الذي نشره لاحقًا تحت عنوان "أمر مُبكياتك، لا أمر مضحكاتك"، والذي يُفهَم  من عنوانه هذا، أن تهامة يريد توضيح قصده التهذيبي!!، 

حسب عالم الصّحافة، لا يمكن تسمية مقالتك سبقًا صحفيًّا، فأنت كتبت كلامًا لاذعًا مرفوضًا، إذ أنّك لم تكشف لنا معلومات جديدة تنير بها عقولَنا تتعلّق بنشاطات الكاهن الورع أو "تقوّم اعوجاجًا عقائديًا"! إن هذا النّشر يتنافى مع المعايير الصّحفيّة، التي تتحفَّظ في انتقاد رجال الدّين.

الصّحافة تتفهّم طبيعة العمل الرّوحي، الذي يتطلّب من رجال الدّين الدّفاع عن بيت الله ومراعاة حرمته. العِظة الحازمة التي قدّمها الأب إندراوس للمصلّين خلال الأعياد، عن وجوب الاحتشام عند دخول الكنيسة واجب عليه ومطلوب منه اجتماعيًا، كي يرسخ الوعيَ الأخلاقي لدى الفتيات والصّبايا.

بالنسبة لعمله الجمهوري، فهو من أجل الكُل، حتّى "ديكتاتوريّة" الكاهن - كما أسميتها يا تهامة – هي نتيجة حرصه الشّديد على ضوابط ومعايير رقابيّة يؤمن بها، يطبقها قدر استطاعته، فإن لم تعجبك فهذا حقّك، فالذي يشغل منصبًا إداريًّا، يدير الأمور حسب ما يملي عليه واجبه ومنصبه.

إن كان لديك نقدٌ على الكاهن إندراوس، يجب ألاّ يكون معلنًا وعن طريق الصّحافة يا تهامة، بل عليك أن تناقشه، تقارعه بالحجّة. النّشر لم يُحقّق أي هدف سام، وإذا كان هناك هدفٌ، فهو  غير مبرر على رجل دين عقيدته المحبّة... دربه التقوى... عمله العطاء... حياته مكرّسة لخدمة النّاس... كاريزما شخصيّته نابعة من تكريس وقته للكهنوت... همّه تقديم النّصائح القيّمة للمحتاجين إلى هداية فكريّة. لأجل ذلك أحبّه معظم النّاس. وباعتقادي أن شفاعمرو قد حَظِيَتبكاهنين لديهما قُدرة إدارية مميّزة.

إذا أردت بانتقادك التّمثّل بالصحافة اللبنانية ، فالأمر عندنا يختلف اختلافًا جذريًا، فهناك الدّين متعلّق بالسياسة، يعني غير منفصل عن الدّولة... والانتقادات التي توجّهها الصّحافة، خاصّة لغبطة البطريرك الماروني، تتعلّق بمواقفه السّياسيّة وليس الدّينيّة. عندنا في إسرائيل، الصحافة والرّأي العام الإسرائيلي، ينتقدون بشدّة التصريحات العنصريّة للحاخام عوفاديا يوسف، غير المقبولة عليهم، لأنها تطعن وتمس أحيانًا بشريحة واسعة من المواطنين، وخصوصًا العرب، إلاّ أنّهم يتجنّبون انتقاده دينيًا. بالنسبة لمجتمعنا العربي عامّة والشفاعمري خاصّةً، فإنه يتفادى إقحام رجال الدّين في السياسة.

عليك يا تهامة أن تتروّى مليًّا قبل الكتابة، لأن الكلمة النّاقدة التي تكتبها، ترتد إليك مستنكرة. لقاء التفاهم الذي تمّ بينك وبين الأب إندراوس بحّوث، تحت رعاية كل من السيدين الأمين العام سهيل نمّورة ورجل المجتمع إبراهيم نعّوم، هام وعِبرة لك، حتّى تزِن الأمور بحكمة أكثر. النّقد مطلوب دائمًا، لكن بعض المرّات لا يتماشى مع حريّة الصّحافة والإعلام التي تنادي بها، فحريّة الرّأي غايتنا جميعًا، ويجب ألاّ تكون علانيّة، ولا جدوى من البحث عن مبرّرات لها!