[x] اغلاق
الوسيط... في زمن الوساطة
30/5/2012 10:18

 

الوسيط... في زمن الوساطة

بقلم: مارون سامي عزّام

يواجه بعض الشباب والفتيات، بعد بلوغ سن التأهيل، صعوبة كبيرة في إيجاد الإنسان الملائم لمشاركته الحياة؛ الإنسان الذي يتفهّم طباعه التقليديّة إذا صحّ التعبير، لأنّ عقليته ما زالت حبيسة معتقدات فكريّة شَبَّ عليها... وترسَّخَت في مفاهيمه، وباتت رهينة حنينه إلى الماضي، لا يمكن أن يُغيّرها أو يتنازل عنها، لأنه يشعُر أن هذه المبادئ لها قيمة معنويّة، نادرة الوجود في أيامنا، فيصبح اتخاذ قرار الزّواج بالنسبة له شبه مستحيل، فيلجأ إلى وسيطٍ يستعين به...

بعض الفتيات يتعاملن مع مبدأ التعرُّف على شاب عن طريق الوساطة بفوقيّة غير مسبوقة، لا تليق بمستواهنّ الاجتماعي!! ويشعرن أنهن سلعة رديئة الجودة معروضة في سوق النّخاسة، رغم أن جاذبيّتهن تكون قد فقدت سحرها منذ سنوات، فيُسَلّمن الوسيط حالاً بيانًا إعلاميًا، يُعدّدن فيه أسباب رفضهنّ للجلوس مع الشّاب المطروح للتعارف على مائدة الوفاق.

من أسباب رفض بعض العازبات للشّاب، تفكيرهن المعتّق بآراءٍ مُسبقة سمِعنها عنه من سرب الثّرثارات السّخيفات!. وهكذا تغتال العازبات شخصية واسم الشّاب المعني بالتّعرُّف إليهن قبل مجالسته، وهذا ما يحصل مع بعض الشّباب، الذين يوكِلون إلى وسيطٍ ما أمرَ "وساطة الخير" بين الطّرفَين!.

رفض الفتاة مبدئيًا التّعرُّف على شاب ما، يدل على أنها تعيش ضمن إطار وهمي، ترفض بعض الفتيات فكرة الوسيط، لأنّهن يعتبرنها "دَقَّة قديمة"، ويشعُرنَ أن تدخُّله يُزعزع ثقتهنَّ بأنفسهنَّ. مع أنّه لم يأتِ ليفرض عليهن الشّاب. النّصيب يومض كالبرق، إذ يظهر للحظات في ليلة القدر ويختفي إلى فترة طويلة، يصحبه رعد تذمُّر بعض الشّباب من تلك الغطرسة الفجّة المعلنة لبعض الآنسات العازبات طوعًا.

مهما حاول الوسيط تقديم تسهيلات في التقريب بين قلبَين، فإنه في بعض الأحيان، يفشل في توفيق "راسين بالحلال". نجاح الوساطة قد يكون محدود الضّمان، لذلك قبل أن يرفع بعض الشّباب والفتيات عريضة احتجاجهم أمام الوسيط، يجب أن يمحوا من ذاكرتهم الآراء المسبقة التي سمعوها عن الشّاب أو الفتاة من سرب الثّرثارات، لأنّه ربّما بعد جلستَين أو أكثر، قد ينبهر أحد الطرفين بالآخر، ويتم المُراد، ألا تقول النساء "النّصيب عجيب"...

أنا لم أقُل إنّ على الفتاة أن تجلس مكرهةً مع أي شاب يعرضه الوسيط، بل عليه أن يقدّم لها نبذة عن حياته الشخصية والمهنيّة، يُطلِعُها على صورة واضحة شاملة عنه، كذلك الأمر بالنسبة للشّاب الذي يتوخّى أن تتوفّر في الشريكة المقترحة مواصفات جمالية مقبولة من حيث الشّكل الخارجي... وأن تحمل في فكرها عقليّة واعية حضاريّة، ومُدركة لِما يدور حولها من تطوّرات في شتّى المجالات، ليس بالضّرورة أن تتعمّق فيها.

الحب في عصرنا هذا، بدأ يفقد أحيانًا طعمه المحلّى بالتفاهُم بين الطّرفين... المُحلّى بتفهُّم طِباع الواحد للآخر، وذلك نابع من سياسة التَّمسُّك بثوابت شخصية يمكن الاستغناء عنها.

الاستعانة بالوساطة عادةً قديمة، لكنها واقع ملموس تفرضه ظروف الزّمن والمجتمع على كل من الشباب والفتيات... وهُم لا يدركون أن عقولهم ما زالت متوّجًة بإكليل المراهقة، يحملونها تباهيًا وغوايةً، يتناسون أنهم عبروا حدود الولدنة، ولا بد يومًا ما أن يدخلوا ديار الوساطة طوعًا.