[x] اغلاق
الرّبيع العربي في مملكة الصّمت
7/6/2012 17:09

 

الرّبيع العربي في مملكة الصّمت

بقلم: مارون سامي عزّام

جمح فرس الربيع العربي من تونس في كانون أوّل 2011، ووصل صدى صهيله أنحاء العالم العربي... انطلقت معه أيضًا خيول عربية عافت فساد وفجور وظُلم الحُكّام العرب وفرديّة حُكمهم. استطاعت خيول الرّبيع العربي أن تَعدو في ميادين الاحتجاجات، مثل مصر وليبيا. امتطى الشعب السوري خيول الرّبيع العربي... تحاول القفز عن حواجز الصمت العربي، تحرّكها المعارضة بأجهزة تحكّم غربيّة وخليجيّة.

جامعة الدول العربية المشلولة إقليميًا نفّذ إملاءات المجتمع الدّولي، فطرد سوريا من صفوفه... نفّذ حظر الطيران الجوي وليس التجاري، كل ذلك لم يُجدِ نفعًا مع الطّاغوت بشّار... أمّا مهمة مراقبو الجامعة العربية، فقد باءت بالفشل، مهمّة المبعوث الأممي كوفي أنان تكاد أن تفشل هي أيضًا.

روسيا تتستّر على الأزمة... تتجاهل جرائم النّظام، وترى فقط مصالحها، لأن سوريا آخر حليف لها في الشرق الأوسط، والأخير يشتري من روسيا الأسلحة بمليارات الدولارات تسيل من خزينته وتصب في الخزانة الرّوسية. أمّا دوليًا تعتبر روسيا الحزام النّاسف الذي ينسف أي قرار دولي يصدُر ضد سوريا، وهذا الحزام الرّوسي ما زال يُطوّق قرارات مجلس الأمن.

إيران الفتوّة الإقليميّة الصّاعدة، تُعتبر الدّرع الاقتصادي الواقي الذي يُبقي هذا النّظام صامدًا اقتصاديًا، إذ تشتري من سوريا، منتجات محليّة سواء تحتاجها أم لا تحتاجها إيران، كما أنها الرّكيزة الاستراتيجية الأهم التي تتّكئ عليها سوريا... الحَرَس الثّوري الإيراني يدرّب العناصر الأمنية السّوريّة على قمع المظاهرات.

لبنان عالق بين مطرقة الموالين للنّظام السّوري وبين سندان المعارضة، الموالين وعلى رأسهم حزب الله، يريد بقاء بشّار لأنه مع سقوط نظامه، يُهدَم الممر السّوري الآمِن الذي ينقل السّلاح من إيران إلى حزب الله. المعارضة اللبنانية، تريد زوال النّظام السّوري، لتنعَم باستقلال قرارها السياسي، لأن الوصاية السياسية السوريّة لم تنتهِ، مع انتهاء وصايته الأمنية.

هذا هو ربيع دمشق الذي وعد به بشّار الشعب في خطاب تنصيبه رئيسًا في شهر تموز 2000، في أعقاب وفاة والده حافظ الأسد!! إلاّ أنه لم يستطِع تنفيذ الإصلاحات حينها بسبب معارضة الحرس القديم. واليوم بشّار يفي بوعوده للشّعب، من خلال "تنقيح" الدستور، تعدّد الأحزاب إجراء شكلي، الانتخابات البرلمانية فخر الديموقراطية البعثيّة فقط!!

الإصلاحات المجتمعية والسياسية التي نادى بها بشّار، هي إصلاحات بدون صلاحيات فعّالة، لأنها لم تنسّق مع المعارضة... الحوار الوطني تحوّل إلى حوار دولي، بين أصدقاء سوريا والمعارضة. ما قاله بشّار في لقائه الأخير مع كوفي أنان: "لن يتوقّف العنف إلاّ عندما يتوقّف الإرهاب!"، هو دليل على دموية النّظام، ومساندة روسيا وإيران لسوريا، إزاء ما يجري فيها من قتل وترهيب، هو إدانة لسياستهما العمياء، تجاه مملكة الصّمت.