[x] اغلاق
غريبة أنتِ...آنستي!!
20/9/2012 17:17

 

غريبة أنتِ...آنستي!!

بقلم:مارون سامي عزّام

 

وقفت بجانبي على المحطّة آنسة تنتظر قدوم الباص، مجرّد أن تمعَّنت بمظهرها الخارجي، عرفت أنهامستهترة... تسريحة شعرها غريبة جدًا.اعتقدت لحسن حظّها أنّي معجب بها!!... فبدأت تعلك الذوق الأدبي العام علكًا وبدون حياء، دون أن تحترم الواقفين معها في المحطة، وانتابني شعور أنها ليست من المدينة.

أنا ألحقتها حالاً بضمير الغائب، سجلتها في دفتر الغائبين... لهفتي لم تتفاعل معها... تفاجأتباندفاعها نحوي بهذا الشكل الغريب، رغم أن عناصر تفكيري لم تكن مصغية لها عندما حدثتني "بإسهاب" عن طموحاتها وأهدافها المعلنة!لم أطلب منها كل  هذه التفاصيل، لأنها ببساطة لا تعنيني. فرَضَت وجودها علي... فرضت علي مُكرهًا بطاقتها الشخصية...حقًافإن أمرتلك الآنسة غريب جدًا، كما أن نبرة صوتها استفزازيّة، نظراتها غير مريحة.

تمنّت مني كلمة، ولكني التزمت الصّمت... وبقيت مسترسلة بالحديث دون توقف، فهذه المرة الأولى التي أصادف بها فتاة ثرثارة مثلها، رغم أن بعض الفتيات يتضايقن أو لا يحبذن الإفراط بالثرثرة، لأنهن يعتبرنها نوع من كشف خصوصياتهن، فصفة الخجل عند الفتيات هي منديل الرقة الخفي الذي يحجب أسرارهن عن الشبّان.

وجدت قابليتها مفتوحة جدًا للثرثرة المزعجة عن قصصها، "والحديث يطول يا مولاتي"...فمن أجل أن أجفف ريق سماجتها، اضطررت أن أجامل عطوفةتلك الآنسة بكلمة صغيرةكي تتركني بحالي، ولكنها لم تفهم رسالتي المبطنة... أقسمتلها أنّتمعّني بشكلها لم يكن لغرض التعارف الفوري.

تدور حولي مثلما تدور الشمس حول الكرة الأرضية، تريد أن تضيئ الجانب المظلم من انتباهي لها، لأنهااعتبرتْمجاملتي العابرةإعجابًا "بفكرها الحضاري" أو حتى هيمانًا بها يا لعجب العُجاب! قلت لهاعدة مرات وبمنتهى الصدق، أنه لا يوجد لدي أي رغبة في إنشاء علاقة معها، فكيف استطاعت أن تجعلني معبودها في لحظاتلا ادري؟!!...

آنستي معذرة منكِ... أنا بصراحة لستمرتاحًا لأسلوب حديثك، وأنت لا تريدين فهم فحوى كلامي، كم أتمنّى أن تتحولي إلى عامود ملح مثل زوجة لوط لأتخلص من زحفك الخطير نحوي. أيتها الآنسة... إذا كنت ترغبين بهويتي وببعض تفاصيلي، باختصار أنا مواطن بسيط يحمل شعار الانضباط، ولاأعمل في السلك الدبلوماسي،ليخولني أن أحمل بطاقة "شخصية مهمة جدًا"، ولست مطربًا عربيًا مشهورًا، لتلتقطي لك صورة معي لتنشريها على موقع الفيس بوك.

أظن هذه التفاصيل لا تعنيكِ، كوَّنت لنفسي أسلوبًا خاصًا في الكتابة، واحترفت جميع أنواعها، بما فيها الحب، مولود في بلاد نظام التعارف فيها دكتاتوري لا يرحم أي فتاة تتحرّش دون استئذان بالآخرين، لأن عقابها سيكون قاسيًا جدًا.آنستي الغريبة هل فهمتِني؟ هذا أسلوب جديد يلجأ إليه بعض الفتيات كي يجعلن أي شاب ساذج يتعلق بهن.

أنتفتاة عصرية، متحررة من أي تحفظٍ اجتماعي، لا يهمكما يقوله عنك الآخرون، أما أنا فتهمني كثيرًا سمعتي، وخصوصًا في زمننا الذي يدرج شخصية الشاب حسب تصرفاته مع الآخرين، وتحديدًا مع الفتيات.

أنا لا أحتاج منك إلى شرح عن "أناتومياعقليّتك"، من أجل أن تعرّفيني عليها،فلستمحتاجًاإلى مصداقيتك المشبوهة، كي تؤكّدي لي أنّكمعجبة بي... لكيأشفي غليل حب استطلاعك، أقول لك أنّي فقط في زمنك صرتأجهل حروف هجاء طبيعة بعض الفتيات، لكني أعرف جميع حروف بداية تكوين حاضريالذي جمعته بجهد كبير...أعرف ترتيب أولوياتي في الحياة، لذلك أعتذر منكِ فلن نجد مسارًا للتفاهم، لن يكون بيننا تناغمًا فكريًا.

أما لغة الحب فهي شريكة إبداعي منذ الأزل، تلاطفني بنعومة صياغتها، لحظة الشروع في الكتابة، أعطيها مقاساتأفكاري، فأصبحت تحضر لي يوميًا وجبات دسمة من الأفكار لتلتهمها دواة قلمي،لذلك جميع أموري الحياتية وشؤوني الإبداعيةبصراحة لن تعجبجنابك آنستي الغريبة، كما أن أمورك الشخصية وحيثياتها الغريبة لم ولن تعجبني أبدًا.