[x] اغلاق
مبارزة أطباء اسرائيليين تنتهي ب محمد دون أطراف
6/5/2013 0:44

ساحة المبارزة.. مستشفى "تل هشومير" داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، الخصوم.. أطباء (اسرائيليون)، الجائزة.. شهادة امتياز ووسام شرف على حساب أطراف الطفل محمد الذي يمثل هنا الضحية.

الطفل محمد الفرا صاحب الأربعة أعوام، من سكان مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، فقد أطرافه الأربعة بعد رحلة عذاب استمرت قرابة الثلاث سنوات ونصف، بدأت بالمستشفى الأوروبي ولا زالت مستمرة بـ "تل هشومير".

بعد أربعة شهور من ولادة محمد، بدت عليه أعراض خفيفة اعتقدت عائلته -بداية الأمر- أنها عادية قد تكون ناجمة عن رضاعته أو عن إصابته بالبرد، إلاّ أن الأمر زاد عن حده، الأمر الذي استلزم نقله إلى المستشفى.

فترة وجيزة قضاها محمد بالمستشفى الأوروبي جنوب غزة، خضع خلالها لسلسلة من الفحوصات الطبية وأساليب العلاج اليائسة خرجت جميعها بنتائج مبهمة، وانتهت بقرار طبي يوصى بنقل الطفل إلى (إسرائيل)؛ لتلقي العلاج.

مستشفى "تل هشومير" كان بداية قصة القضاء على حياة الطفل الفرا قبل أطرافه، إذ وصل في فبراير/شباط 2010, واستمر على حاله دون نتيجة طيلة سبعة أشهر أو ثمانية، معتمداً خلالها على المسكنات والأدوية.

ووفق التشخيص الأولى لأطباء "تل هشومير"، اتضح أن الطفل يعاني مشكلة في الامعاء الغليظة ويحتاج إلى زرع نخاع عظمي. تلك النتيجة جاءت بعد أشهر طويلة من دخول الطفل المستشفى.

هنا.. تحوّل محمد إلى "حقل تجارب" –حسب وصف والده- بعد إعلان الأطباء (الاسرائيليين) حاجتهم لعينات من النخاع الشوكي لم يتمكنوا من الحصول عليه، فأوعزوا إلى عائلته وأرسلوا بعضاً منها، لكنها كانت غير مطابقة.

حالة الفرا الفريدة من نوعها، تحوّلت إلى وسيلة يستطيع من خلالها أطباء تل هشومير الذين أخذوا على عاتقهم إيجاد علاج "إبراز عضلاتهم"، ليس لـ "سواد عيني الطفل"؛ إنما لوسام شرف قد يدخل ضمن إنجازاتهم.

بدأت المبارزة تأخذ طابعاً شخصياً بين الأطباء؛ لمحاولة الحصول على حل لمشكلة محمد المستعصية، ويقول والده إنهم يسعون بهذه الفعلة لتحصيل شهادة امتياز؛ بحكم أن علاج ابنه يعد إنجازاً.

بعد سلسلة جولات طبية مكوكية أجراها أطباء "تل هشومير" توزعت بين ألمانيا وأمريكا وبعض الدول الأوروبية بصحبة عينة من حالة الفرا، تم التوصل إلى عقار طبي ألماني.

في بداية العلاج الوهمي، جرى حقن محمد عن طريق ممرضة في المستشفى بإبرة مخصصة لسن العامين احتوت على سنتيمترين من العقار الألماني، وقد تجاوب معها بالفعل. وفق والده.

أما الحقنة الثانية، فكانت بعد أسبوع وخُصصت لعمر الأربعة أعوام بمعنى أن الإبرة تكبر الطفل الفرا بعامين بخطأ من الممرضة، الأمر الذي أدخل محمد في غيبوبة استمرت يومين.

ويبقى الطفل حتى اللحظة بطلاً لقصة "حقل التجارب"، لاسيما بعد أن جاء الأطباء بحقنة مضادة (كيماوية)، لعلها تبطل مفعول الإبرة الاخيرة التي أدخلت الطفل في غيبوبة.

بدأ فعلاً محمد العودة إلى الحياة مجدداً بعد حقنة الكيماوي، وعادت إلى القلب نبضاته، وأخذ الدم يجري في أنحاء جسده، إلاّ أن الأطراف الأربعة (اليدين والقدمين) لم يكن لها نصيب من تجدد ضخ الدم.

عدم وصول الدم إلى أطراف محمد أوجد طبقة سوداء اللون صبغت جلده، بعثت قلقاً جديداً في نفس الأب وعائلته، واستمر الحال شهراً آخراً كان كفيلاً ببث الخوف في قلب الطفل الفرا من مشهد أطرافه السوداء.

حالة محمد أوقعت عائلته بين نارين، الأولى تتمثل ببتر أطرافه الأربعة والثانية تنتهي بوفاته بعد إصابته بـ "الغرغرينا" (مرض جلدي)، ففضل الوالد أن يُكوى بالنار الأولى متجاهلاً الثانية تماماً.

قدما محمد الأسودان ويداه، كانت بمثابة حبكة لقصة جديدة انتهت بقطع الأطراف الأربعة، بعد أن قضى والده عشرة أيام متواصلة في التفكير باتخاذ قرار الموافقة على البتر أو رفضه.

ومن باب حفظ المستشفى لماء ووجهها وخوفها من الاساءة إلى سمعتها، اتخذت قراراً بإبعاد الممرضة التي حقنت محمد، وعرضت على عائلة الفرا تبني الطفل من قبل أسرة (اسرائيلية)، إلا أن الرفض كان سيد الموقف دون تردد.

وتستمر حياة محمد كما معاناته بعد بتر أطرافه، في وقت يؤكد فيه والده أن بقاءه على قيد الحياة مرهون باستمرار تناوله للأدوية والعلاجات.