إن أحداث شفاعمرو الأخيرة، والتي تستكتبني رغم أنفي، أخطر من القول إنها مؤسفة، فهي بدأت جنائيًا بين أفراد شباب، ومن ثَمَّ انتقلت، بحكم الانتماءات القبلية الموروثة، إلى عائلية فطائفية، وبعد ذلك اتخذت منحى أكثر خطورة وحملت أكثر من معنى.. فمن المهم الإشارة إلى احتمال تدخلات خارجية أو داخلية مشبوهة، تهدف المس بشفاعمرو وبالجماهير العربية عمومًا، لا سيما في أعقاب تقديم لوائح اتهام بحق بعض الشباب الشفاعمريين بتهمة قتل الإرهابي نتان زادة، نحو تغيير المسار الحقيقي للقضية والترهيب من التفاعل الشعبي، المحلي والقطري، على أساس سياسي ووطني.. لكن لا يمكن التوقف عند هذا الاحتمال فقط لمجرد "تسييس الأحداث"، وبأي ثمن!!؟؟
في الظروف العصيبة، كما في الظروف العادية، من المهم بل من الضروري قول الحقيقة والتعامل مع الأحداث بعمق وجرأة حقيقيين، بهدف إيجاد حلول جذرية حقيقية تحول دون تكرار مثل هذه الأحداث، غير المُفاجِئة البتة..
فأولاً كشفتْ هذه الأحداث عن هشاشة ما يُسمى "النسيج الاجتماعي" في شفاعمرو، كما في كثير من المدن والقرى العربية لكن ليس لهذه الدرجة التي "تتميَّز" بها شفاعمرو.. فهنالك خلل بُنيوي في هذا النسيج الذي ينبغي فَضَّه لا حمايته كما يدَّعي البعض بحجة "الوحدة" الوهمية..
أَوَلَيْست هذه الأحداث نِتاج "طبيعي" لحالة من الأَسرلة والصهينة العلنية في المدينة، ونِتاج تركيبة اجتماعية وثقافية عائلية وطائفية وانتهازية، في جميع مناحي الحياة، ولغِياب سطوة الفكر والسلوك الوطني والقومي الحقيقي؟! ولماذا عنصر المفاجَأة؟! ولماذا "التردد"، بل وأبعد من مجرد التردد، في ضرورة التدخل القطري الفاعل، من الهيئات القيادية التمثيلية الوطنية كلجنة المتابعة العليا واللجنة القطرية، في مثل هذه الأحداث غير العابرة؟؟!!
أَليستْ شفاعمرو جزء من الوطن، وجماهيرها جزء من الجماهير العربية الفلسطينية في البلاد؟! أمْ أنها في كوكب آخر وتتموضع في مركز الكَوْن وبمعزل عن العالم؟!
فالأمر بلغ ويبلغ حد الخطورة الوجودية، وقابل للتجدد، إذا لم تجر انتفاضة حقيقية في الوعي الفردي والجماعي، وإذا لم نواجه مثل هذه الأمور بعقلية وثقافة وآلية مختلفة، بعيدة عن الرياء والتملُّق والمداهنة، وبتحمل مسؤولياتنا التاريخية والوطنية وليستْ الآنوية والمحدودة...!؟
فالمطلوب، الان وفورًا وهنا، البدء بعملية إعداد عناصر ومقوِّمات تُحدث، تراكميًا، انتفاضة في الوعي، الفردي والجماعي، المحلي والقطري...!!
(مدير مكتب لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية – من سكان شفاعمرو!!)
