[x] اغلاق
الذكرى الـ12 لتفجيرات ايلول وأوباما يقف حائراً أمام الأزمة السورية
11/9/2013 9:03

الذكرى الـ12 لتفجيرات ايلول وأوباما يقف حائراً أمام الأزمة السورية

على الرغم من سعي باراك أوباما لتركيز عهدته الثانية على حل الأزمات الداخلية والتخلص، ولو قليلا، من عبء التدخل الأمريكي في بؤر التوتر عبر العالم، إلا أن الأزمة السورية أجبرته على البقاء في الساحة الدولية

 

 
 

 

تحل اليوم الذكرى الثانية عشرة لتفجيرات 11 سبتمبر 2001 لتجد الولايات المتحدة الأمريكية نفسها أمام نقطة تحول جديدة في صياغة سياستها الخارجية، تماما مثلما حاولت واشنطن قبل اثنى عشر سنة من استغلال تفجيرات برجي التجارة لإعادة رسم علاقاتها بالعالم، من خلال إعلان الرئيس السابق جورج والكر بوش الابن الحرب على الإرهاب أينما كان، والحال أن الرئيس الحالي للولايات المتحدة الأمريكية، باراك أوباما، وجد، هو الآخر، نفسه أمام منعطف الأزمة السورية التي فرضت على واشنطن إعادة النظر في سياستها الخارجية.

على الرغم من سعي باراك أوباما لتركيز عهدته الثانية على حل الأزمات الداخلية والتخلص، ولو قليلا، من عبء التدخل الأمريكي في بؤر التوتر عبر العالم، إلا أن الأزمة السورية أجبرته على البقاء في الساحة الدولية، خشية تراجع مكانته ومزاحمة روسيا والصين له، إذ يؤكد المتابعون للسياسة الخارجية الأمريكية أن أحداث 11 سبتمبر 2001 سمحت للولايات المتحدة بفرض نفسها قائدا للعالم من خلال إعادة صياغة النظام العالمي وفق أسس ومبادئ جديدة في العلاقات الدولية، تخدم المصالح الأمريكية بالدرجة الأولى، وهو ملخص ما جاء في الوثيقة التي قدمها الرئيس السابق جورج بوش الابن للكونغرس تحت عنوان ”إستراتيجية الولايات المتحدة للأمن القومي” بتاريخ 20 سبتمبر 2002، جاء فيه إقرار حق الولايات المتحدة الأمريكية في التصرف بشكل أحادي لحماية أمنها من أي خطر، في إشارة إلى أنه يحق لإدارة البيت الأبيض أن تجاوز وتتغاضى عن التنسيق مع بقية العالم في تحديد طرق حماية مصالحها. ولعل هذا ما يفسر تركيز المحافظين والجمهوريين عموما في الولايات المتحدة، خلال فترة رئاسة بوش، على السعي لحماية مناطق تواجد الثروات الطبيعية، لاسيما في الشرق الأوسط، اعتقادا منهم أن الريادة الأمريكية لا تكون إلا بالسيطرة على الثروات التي تسمح لأمريكا بالتفوق اقتصاديا، وهو ما يفسر تدخل الولايات المتحدة الأمريكية في مناطق النزاع عبر العالم حماية لما تراه امتدادا لمصالحها الاقتصادية والأمنية وحتى الثقافية.

ويشير الخبراء إلى أن الحرب التي شنتها الولايات المتحدة الأمريكية ضد حركة الطالبان وتنظيم القاعدة الدولي، بقيادة أسامة بن لادن، تجسيد لإستراتيجية السياسة الأمريكية الخارجية، في إشارة إلى أن إدارة البيت الأبيض سعت للحفاظ على الثروات الطبيعية في أفغانستان والتضييق على منافسها (أو عدوها) في المنطقة، روسيا، إلى جانب العمل على التخلص من النموذج الثقافي الإسلامي المتطرف الذي فرضه من أسمتهم أمريكا بـ”الإرهابيين”، لتمتد بعد ذلك هذه الحرب لعدد من الدول التي ارتأت أمريكا أنها تحتاج لتدخل منها لحماية مصالحها تحت مسميات مختلفة، بدءا من محاربة الإرهاب في أفغانستان، وصولا لإنهاء أسلحة الدمار الشامل في العراق وحماية الأقليات في يوغوسلافيا السابقة، وغيرها من الحجج التي تتحصن بها إدارة البيت الأبيض لإضفاء طابع المشروعية على تدخلها. وإن كان المحللون يشيرون إلى صعوبة تصديق تكبد أمريكا خسائر تجاوزت 200 مليار دولار في حرب العراق لوحدها، فقط من أجل التخلص من دكتاتورية صدام حسين أو جلب الديمقراطية للشعب العراقي.

المصلحة أولا.. المصلحة أبدا!
 

ويرى الخبراء أن سياسة أمريكا الخارجية حافظت على جوهرها منذ أكثر من خمسين سنة، في إشارة إلى أنها تتمحور حول العمل على القضاء على الأعداء وإضعاف الأصدقاء، للتمكن من البقاء القوة الكبرى الوحيدة في العالم، وهو ما يُفسر سعي المخابرات الأمريكية للتخلص من كل من ما يعيق الحفاظ على مكانتها أو مصالحها، وبالتالي تدبير سلسلة من الانقلابات والاغتيالات السياسية في العديد من الدول.

والمثير، أن سياسة أمريكا الخارجية، وإن فرّقت بين الدول العدوة لها والصديقة، إلا أنها تضع نفسها على ذات المسافة من العالم بأسره، فإن صح أنها لا تضع كوريا الشمالية وإيران في ذات خانة روسيا والصين، إلا أنها تعتبر كل واحدة من هذه الدول خطرا وتهديدا صريحا لأمنها، سواء أتعلق الأمر بسعي إيران وكوريا الشمالية لتطوير برامجها النووية، أو سعي الصين وروسيا لاحتلال المراتب الأولى في اقتصاديات العالم، هذا إلى جانب العدو التقليدي، منذ أحداث 11 سبتمبر 2001، والمتمثل في التيارات الجهادية المتطرفة المنتشرة في عدد من الدول الإسلامية، والتي رعت أمريكا عددا منها لحماية مصالحها في وجه الاتحاد السوفيتي الشيوعي لتسعى للتخلص منهم بعد تغيّر المصلحة.

أما فيما يتعلق بالدول الصديقة، فقد كشفت تقارير ”ويكيليكس” السرية والتسريبات التي قام بها المستشار السابق في وكالة الأمن القومي الأمريكي اللاجئ في روسيا، إدوارد سنودن، أن المخابرات الأمريكية لا تكتفي فقط بالتجسس على الدول الأعداء، وإنما تقوم بالتجسس حتى على الدول الصديقة والحليفة، ومنها دول الاتحاد الأوروبي، على الرغم من وجود اتفاقيات تعاون وتنسيق أمني تقتضي تبادل المعلومات الأمنية، ما يحول دون التجسس بعضها على بعض.

وتأتي هذه المعلومات لتؤكد أن السياسية الأمريكية الخارجية تقوم على أساس حماية مصالحها أينما كانت عبر العالم، مثلما أقره تقرير الدفاع الأمريكي الرباعي الأخير، وهو تقرير شامل لكل الهيئات الاستخباراتية والمعلوماتية الأمريكية، يصدر كل أربع سنوات بطلب من الكونغرس، ويُعد بمثابة إستراتيجية أمريكا للأمن القومي، والذي جاء فيه أن الحروب التي تخوضها أمريكا عبر العالم هي بمثابة ”مفتاح النصر” وضمان الحفاظ على مصالح الشعب الأمريكي.