[x] اغلاق
غريبة الناس
23/10/2014 12:09

غريبة الناس

محمد جمال صبح

أعرف، عنوان يذكر بوائل جسار وتلك الأغنية التي توجع القلب، هي كذلك، ولمناسبة أنني أسمعها بالسيارة منذ ليلة أمس بسبب قصر مشاويري، يتوقف مشغل الأغاني بمنتصفها وعندما أدير المحرك من جديد يعيد تدويرها، ههه، أسمعها منذ ليلة أمس لا أكثر، صح عزيزي وائل، غريبة الناس.

  أفتش كثرا عن أسباب غرابة الناس، أو تلك التي تدعونا لإطلاق صفة الغرابة على طباعهم، على وفائهم، على ما يستطيعون وما لا يقوون عليه، تلك الأسباب العميقة التي تجعل من شخص كان منذ برهة قمة الحب والوفاء لشخص آخر لا تعرفه مثلا، شخص لو التقيت به مجددا في طريق لربما لم تعرف منه سوى تلك المعالم التي تعطيك شبها له لا أكثر، تبقى تسأل نفسك، كأنه هو، كأنني أعرفه، ولا تعرف حقيقة لأنك وأنت تعيش قصة الوهم ربما، لم تنتبه لما خلف كلامه، لما يخفي خلف حاجتنه لك، لما يعلن وما يضمر، لربما كان الخطأ في تفكيرك أنت، لربما أنك لم تتحقق كثيرا مما عرض عليك، مما مر أمام ناظريك، لربما أستحقيت ما لقيت، التريث صفة العاقل، أما المجانين، فغالبا هم بلا عقل وتقودهم قلوبهم التي أصابها العمى، في كل حفرة تتعثر.

  الناس غريبة فيما تتوقع منك، فيما تنتظر، وأكثر ما تكون غرابة وقت أن تفكر أنك لست منهم، أنك يتعين عليك التواجد للجميع وعند الإشارة وتحت الطلب، حتى إذا كفو عن حاجتهم لك تركوك ومضوا لبعيد، غريبة الناس عندما تفكر أنك بلا مشاعر وبلا أحساس، فليست مشكلتك إن هم تعاملوا مع روحك على أنها روح لملاك، من قال أن ملائكة الأرض لا تحزن ولا تصاب بالجرح؟؟

  غريب أنت إن لم تتعلم وتحفظ الدرس، غريب أنت إن لم تضع حدا فاصل بين ما يوجعك وبين بينك، إن لم يقدر الناس حقيقة من أنت فقدر أنت، لا تنتظر من كل الآخرين أن يعودا إليك يقدموا أعتذارهم، فروض حبهم الزائف وولائهم، فليكن لك رأي أخير بالأمر، موقف حازم يضع الأمور في نصابها، يعيد الأمور لحقيقتها، يعيد الكرة لك بضربة جزاء تسددها أنى شئت، بالمرمي، خارجه، لركنية، الأمر متروك لك ولفهم الآخرين، وكف عن أنتظار ما لم يأتي، من لم يفهمك، لن يفهم، ومن لم يقدر حقيقة مشاعرك فيعمد لمعاملتك بصدق ونبل فلا تنتظره ولا تمنحه فرصة أخرى للجرح، وقتها تكون غريبا أكثر حتى من غرابة الناس، تكون أبله أو أحمق أو حتى حمار، جميلة غريبة الناس، أسمعوها، ليس فقط أستماع، اصيخوا السمع والقلب لما خلفها، خلفها الكثير.