[x] اغلاق
حكاية صوتٍ دافئ
18/2/2016 10:45
حكاية صوتٍ دافئ
بقلم: مارون سامي عزّام

صوت أنثوي رقيق للغاية، اخترق قشرة الصمت التي غلّفت بَرد وحدتي، حلق في رحاب خيالي بحُريّة، قد تكون معجبة أطلقت سهام إعجابها من قوس ونشاب إرادتها، لتُقدّم تحيتها إلي، قالت "ألو" وانقطع الاتّصال... تمنّيتُ أن تُكمل حديثها، حتّى أستطيع تشخيص خامة صوتها، كم تمنّيتُ أن تقول مرادها، حتّى تتلاشى غشاوة تساؤلاتي عن عُيون حيرتي، ربما أرادت أن أسدي لها معروف ما؟! صوتها رش الدفء من حولي في كل مكان في المنزل، في تلك الليلة الشتوية التي نصب فيها البرد خيمته تحت السماء.

صوتها الذي تسلّل إلى أذُني واختفى بسرعة، استطاع أن يعكس لي مرايا الربيع قبل الأوان، شعَرتُ أنه يريد الفرار من دوّامة ترددها. لم تمنحني فرصة السّؤال عن اسمها، فالتفّ صوتها حول سلك سمّاعة هاتفي بسلاسة. يا ترى ماذا أرادت مني؟!... شعرتُ بتوترها الشديد، يشد بأوتار صوتها حتّى قطَعها، ووقَعَت الكلمات المتشبّثة بها، في أعماق خجلها... ليتها منحتني خيط أمل رفيع، لأمسكتُ بطرفه، فكادت من خلال صوتها الأنثوي أن تصنع حدثًا إنسانيًا، في حال أكملت مكالمتها.

هل ستَتَجدد دورة الحب الدموية في جسدي؟!... كيف استطاعت تلك الفتاة في هذا الفصل أن توقف سيول أمطار الماضي السوداء؟!... ما هو الشّيء الذي غيّرته فيَّ فجأة؟! ربما هبط صوتها عليّ صدفةً، لا لغاية ما، هل يُعقَل أن يتوه في غابات الضّجيج، المكتظّة بأصوات أنثويّة عديدة، وفضَّل اللجوء إلي، لأحميه في مأوى هدوئي؟! لعل صاحبة هذا الصوت الدافئ أرادت أن تُمازحني؟! تساؤلات مضنية جدًّا...