[x] اغلاق
قراءة في الخلافات وتبادل الإتهامات بين بعض مكونات القائمة المشتركة
23/3/2016 11:06

قراءة في الخلافات وتبادل الإتهامات

بين بعض مكونات القائمة المشتركة

الإعلامي أحمد حازم

في شهر آذار من العام الماضي خاضت القائمة العربية المشتركة انتخابات الكنيست، بمكونات أربعة (الجبهة، التجمع، التغيير والاسلامية)  وهي مكونات مختلفة الآراء والأفكار في كثير من القضايا. وقد قلنا وقتها (وهذه حقيقة) ان هذه المكونات أجبرت رغماً عنها على تشكيل قائمة واحدة، لأن نسبة الحسم في انتخابات الكنيست الأخيرة، كان من الصعب جداً اجتيازها، بل استحالة ذلك لو خاضت مكونات القائمة الانتخابات بمفردها.

وقلنا أيضاً في حينه، ان خوض المرشحين العرب لانتخابات الكنيست في قائمة واحدة، كان يجب أن يتم منذ سنوات طويلة، لو كان هناك النية الصادقة والرغبة القوية في وحدة الصف العربي، لأن الحقيقة التي عشناها قبل (الإرغام) على تشكيل قائمة مشتركة، كانت واضحة جداً، وهي أن الأحزاب العربية التي تخوض انتخابات الكنيست، لها سلوكيات وأهداف تتناقض مع بعضها البعض محليا وعربيا ودولياً. ولولا إقرار نسبة الحسم التعجيزية لما تشكلت القائمة المشتركة، التي هي في واقع الأمر قائمة المتناقضات.

وبالرغم من كل ذلك، استبشرنا خيراً بهذه القائمة، ودعونا إلى دعمها وإلى الذهاب إلى صناديق الاقتراع لمواجهة اليمين الإسرائيلي. لكن ما يحصل خلف الكواليس من تباين في المواقف بين مركبات المشتركة، أمر لم يكن مستغرباً بل كان متوقعاً. وفي الأيام الأخيرة لم يبق الخلاف سراً بل وصل إلى وسائل إعلام عربية وعبرية. فقد تحدثت  وسيلة إعلام عربية عن شرخ في القائمة المشتركة سببه خلاف بين الجبهة والتجمع.

السبب كما ذكرته وسيلة الإعلام العربية، ان " نواب التجمع يقاطعون جلسات كتلة المشتركة منذ اسبوعين وذلك احتجاجاً على قيام أيمن عودة بإرسال رساله لرئيس الكنيست ابلغه فيها بأن مسعود غنايم هو رئيس الكتله البرلمانية، حيث يطالب التجمع بأن يكون باسل غطاس رئيساً مثله هو الاخر مع الاتفاق حول تقسيم الفترات، وان سلوك النائب أيمن عودة كان انفرادياً وغير لائق ومناف للتفاهمات."  وأضافت وسيلة الاعلام نفسها نقلاً عن مصدر في التجمع: " لن نقبل اي صفقات بخصوص هذا المنصب لرئاسة الكتلة".

المواطن العربي، الذي كان يأمل خيراً من القائمة المشتركة، وليس نشر غسيل وسخ من (الجبهة والتجمع) عايش تبادل الاتهامات بينهما عبر البيانات و"المصادر، وكأن هذا المواطن لا هم لديه سوى قراءة بيانات الشجب والاستنكار ليس ضد حدث ما يتعلق بممارسة إسرائيلية رسمية ضد الوسط العربي، بل عكس ذلك تماماً.

الأمر المستغرب، أن التجمع والجبهة لم يتصلا بصحيفة هآرتس، ويحتجان على ما نشر فيها، وهذا ما أكده لي الصحفي الذي أجرى المقابلة لصحيفة هآرتس. لكن الاحتجاج وصل لوسيلة الإعلام العربية التي ترجمت الخبر. هذا الأمر يدعو إلى التفكير بأن الترجمة قد تكون غير دقيقة، وإلا لماذا لم يحتج قطبا الخلاف على ما ورد في هآرتس؟ هذا الأمر أشار إليه التجمع في بيان جاء فيه:" من يعود للمقابلة التي صدرت في هآرتس يكتشف فرقاً شاسعاً بين الخبر والنص الأصلي وعدم دقة في المعاني، مما اثار عاصفة إعلامية مصطنعة بعيدة عن أجواء العمل المشترك والإحترام المتبادل بين نواب المشتركة".

صديق عزيز من القائمة المشتركة أثق بكلامه كثيراً، أكد لي أن الجبهة لم تلتزم  باتفاق مع التجمع على أن تكون رئاسة الكتلة النيابية للمشتركة مناصفة بين مسعود غنايم وباسل غطاس، مما أدى إلى غضب التجمع وشنه هجوماً على الجبهة.

التجمع والجبهة اختلفا حول موضوع كان يجب أن يبقى في إطار المشتركة، وأن لا يظهر للجمهور في شكل بيانات هجومية من الطرفين، لو كانت هناك عقلانية في معالجة ذلك. لكن الأمر المضحك الذي يدعو إلى السخرية في نفس الوقت، أن الخصمين المتناقضين سياسياً لبعضهما البعض (الجبهة  والتجمع) حدث بينهما حالة ود مؤقتة أشبه بــ "زواج المتعة" على الطريقة الشيعية، حيث  اتفقا قبل أيام على موضوع لا علاقه له نهائياً بهموم وقضايا المواطن العربي داخل البلاد. فقد صدر عنهما بيان يدين اعتبار حزب الله اللبناني كحزب إرهابي خلال اجتماع لوزراء خارجية الدول العربية.

والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا تتدخل الجبهة والتجمع في أمور جانبية لا علاقة لنا بها، وكان من المفروض بهما عدم زج نفسيهما في هذا الأمر، لأن الواجب الرئيس لهذين المركبين في القائمة المشتركة (وغيرهما أيضا) الاهتمام بشؤون الداخل الفلسطيني ليس أكثر. 

ولذلك، واستناداً إلى كل ما تم ذكره، فإن القائمة المشتركة بكل مركباتها الأربعة عليها واجب واحد فقط، وهو الاهتمام بقضايا الناخب العربي الذي  أوصلها إلى الكنيست، والذي لا يزال يأمل من هذه القائمة التركيز على  همومه ومشاكله ، فلولاه لما كانت هناك قائمة في الكنيست. فهل من يفهم ذلك؟