ناجي العلي ... الأنظمة العربية تجاهلته

وبلدان أوروبية كرمته

الاعلامي أحمد حازم

تعرفت على الصديق  الراحل ناجي العلي رسام الكاريكاتير السياسي المعروف عربياً وعالمياً، في لبنان منذ بدايات انطلاقته الفنية في الرسم الكاريكاتيري. وقد ظلت صداقتنا قوية حتى عملية اغتياله على أيدي مجرمين قتلة، لأن المجرم ليس وحده الذي قتل، بل أيضا من خطط وشارك  في عملية الاغتيال، فكلهم قتلة مجرمون أيضاً.

شخصية (حنظلة)، التي خلقها الرسام الكاريكاتيري الفلسطيني الراحل ناجي العلي، واشتهرت رسوماته السياسية بها عربيا ودولياً، والتي تجاوزت الأربعين ألف رسماً ساخراً  أصبحت من الأعمال الفنية المميزة،  يشار إليها في كل حديث عن هذا اللون الفني، او في أي معرض تشارك فيه أعمال هذا الفنان الفلسطيني، الذي تم اغتياله في العاصمة البريطانية لندن في صيف عام 1987.

قرأت خبراً مفاده أن جمعية ألمانية خيرية اسمها " ميديكال سنتر"  تهتم بالقطاع الصحي في الضفة الغربية، قررت زيادة دعمها للقطاع الصحي الفلسطيني، وهذه المرة عن طريق فكرة رائعة تعتبر الأولى من نوعها في العالم. رئيسة الجمعية الألمانية المذكورة، تحب جدا الرسم الكاريكاتيري ومعجبة جدا برسومات الراحل ناجي العلي، وخصوصا تلك التي تحمل شخصية الطفل الفلسطيني (حنظلة)، وتأثرت بها جدا لأنها تجسيد لطفولة الفنان، بعد أن أجبر على مغادرة وطنه وهو صغير السن. هذه الفكرة تمت بلورتها الى الواقع ودخلت حيز التنفيذ. فبعد مناقشة الموضوع بالجمعية، تم الاتصال بإدارة البريد الألماني، وذلك للاتفاق على إصدار طابع يحمل شخصية حنظلة ، حيث طلبت منها مؤسسة البريد التعريف بهذه الشخصية بشكل كتابي مفصل وذلك للمصادقة عليه رسميا.

وقد  نجحت رئيسة الجمعية في إقناع مؤسسة البريد الألماني، بإصدار الطابع البريدي، وعقدت اتفاقية مع المؤسسة  لإصدار طابع بريدي من فئة الرسالة العادية، وهي الأكثر استخداما في ألمانيا، يحمل صورة حنظله واسم الجمعية، التي قامت بشراء جميع الطوابع التي تم إصدارها، من اجل بيعها لمن يرغب في التبرع للمساهمة في مساعدة مستشفى بيت ساحور في الضفة الغربية.

وتقول رئيسة الجمعية انها طرحت الطابع البريدي للبيع لجمع التبرعات من خلال جمعيات ألمانية صديقة، وبعد شرح واف عن شخصية حنظله التعريف بالفكرة والهدف الخيري لإصدار هذا الطابع البريدي، فوجىء الناس بطبيعة  شخصية حنظلة غير المعروفة لدى الجمهور الألماني، وتهافتوا للحصول على الطابع البريدي بشكل كبير لم يكن متوقعا، حيث قررت الجمعية، وبسبب الإقبال المتزايد على شراء الطابع البريدي، إعادة إصدار الطابع بكميات اكبر لتغطية الطلب المتزايد.

ألمانيا ليست الدولة الأوروبية الوحيدة التي تذكرت الراحل ناجي العلي، بل هناك دول أخرى غربية كرمته أيضاً. فقد ختارته صحيفة " أساهي" اليابانية الشهيرة، كواحد من بين أشهر عشرة رسامي كاريكاتير في العالم. كما أن الاتحاد الدولي لناشري الصحف في إيطاليا قدم لعائلته جائزة " قلم الحرية الذهبي" تقديرا ًلأعمال الراحل.

تصوروا أن مؤسسة البريد الألماني ـــــ مشكورة ـــــ واليابان وإيطاليا  تذكروا الراحل ناجي العلي وكرموه عمليا من خلال شخصية (حنظلة) التي تعتبر توقيعا ًللفنان الراحل على رسوماته، بينما تجاهلته الأنظمة  لكن حنظلة سيبقى شعارا ًأبدياً لكل فلسطيني.

.