[x] اغلاق
صرخة ضمير... من ينقذ مجتمعنا العربي من القتلة
3/5/2016 7:59

صرخة ضمير... من ينقذ مجتمعنا العربي من  القتلة

الإعلامي أحمد حازم

جاءني إبني ذات يوم عندما كان في الصف الخامس، في المدرسة التي كانت في الحي الذي كنت أسكنه في العاصمة الألمانية برلين، حاملاً معه رسالة من مدير المدرسة، يدعوني فيها إلى حضور اجتماع هام وعاجل في اليوم التالي للجنة أولياء أمور الطلاب، والتي كنت عضواً فيها. ذهبت في اليوم التالي للإجتماع، وكم كانت دهشتي غريبة، عندما عرفت أن هذا الاجتماع يدور حول إقدام تلميذ على ملاحقة قطة في المدرسة وتعذيبها. وما فعله التلميذ وصل في نهاية الأمر إلى وزارة التعليم، التي هددت أهل التلميذ باتخاذ إجراءات شديدة ضده وضدهم، إذا ما أقدم مجدداً على أعمال مماثلة. سألت مدير المدرسة عن سبب إبلاغه الوزارة بشأن هذا التلميذ، فأجابني: " لأننا لا نريد أن يكبر أبناءنا على العنف ويجب وضع حد لهذا الأمر من البداية".

وماذا نفعل نحن؟ غالبية المدارس لا تهتم بما يجري فيها من ممارسات عنف، وغالبية العائلات لا تعرف بسلوكيات أبنائها، وحتى لو عرفت تغض الطرف عن ذلك أو في أحسن الأحوال لا تستطيع فعل أي شيء. أين دور رجال الدين والمربين في المدارس، وأين دور الأهل في التربية، حيث من المفترض أن يصنع الأهل جيلاً صالحاً. القيادات العربية عاجزة عن معالجة المشاكل في المجتمع العربي. شباب في عمر الورود يسقطون ضحايا القتل. مجتمع عربي عاجز عن حماية أبنائه، قيادات عربية تهمها الكراسي، "خذوا الكراسي وخلولنا الشباب". ماذا فعلتم لحماية الجيل الناشيء. الكل بشجب، والكل يدين ولا أحد يتحدث عن حلول.

أعضاء كنيست عرب ورغم (ائتلافهم؟!!) في قائمة واحدة، لا نسمع منهم أي طرح واقعي لقضايا شعبهم. ماذا فعلوا لغاية الآن؟ لا شيء. ماذا عندهم ليقولوه لأهل الضحايا: سلامة راسكو؟ هذا كل ما عندهم.  كلهم في زاوية الاتهام. كلهم يتحملون المسؤولية عما يجري.

البلديات والمجالس المحلية، غير معفية من المسؤولية. انها تتحمل أيضا المسؤولية عما يجري. العائلية والقبلية والعشائرية، هي التي تتحكم بمجتمعنا العربي، وليس المنطق.  فإذا كان الرئيس ( أزعراً) أو (أمّياً متخلفاً) فكيف ستكون إدارته، قال لي مسؤول في سلطة محلية: "الكل يعرف ما ذا يجري والكل بخاف يحكي". نعم هذا هو الوضع الذي وصلنا إليه. نحن نعيش في مجتمع توجد فيه "حفنة قتلة وشبيحة وزعران" ينظر إليها من منظار الرعب والخوف. هل نسينا أن هذه الحفنة أقدمت في شهر أيلول عام 2014 على قتل  خمسة أشخاص في المثلث رمياً بالرصاص من بينهم مدير مدرسة. فماذا فعلت قياداتنا وماذا ننتظر بعد؟

محمد رأفت سعادة و حسين محاجنة من ام الفحم، ابراهيم النابلسي ومحمد حسنين من عبلين، وشباب غيرهم في عمر الورود من مناطق مختلفة قتلوا بكل دم بارد في وضح النهار. وهذه ليست النهاية، وإذا بقي الوضع على هذه الحالة فكل شاب معرض للقتل في المجتمع العربي. فماذا أنتم فاعلون؟ أنا لا أبريء الشرطة الإسرائيلية من تحمل المسؤولية، والجميع يعرف عدم اكتراث هذه الشرطة بما يجري في المجتمع العربي، وتتعامل مع هذا المجتمع تحت شعار: "فخّار يكسّر بعضو". لكن لا يمكن ان نجعل الشرطة الاسرائيلية دائماً  شماعة إهمالنا وتقصيرنا.

أوجدوا لنا لجنة أطلقوا عليها " لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية "، فماذا تابعت هذه اللجنة منذ تأسيسها. لجنة لا حول لها ولا قوة، انها في حقيقة الأمر مجرد اسم كبير بدون مضمون، تتابع فقط أخبار القتل والخلافات والعنف، وفي أحسن الأحوال إصدار بيانات في مناسبات معينة. 

 اعترفوا بعجزكم وبفشلكم في معالجة مشاكل مجتمعكم. أليس من الأفضل لكم كقيادات عربية الاستقالة من مناصبكم حفاظاً على كرامتكم أمام جماهيركم واحتجاجاً على ما يجري؟ لكن " المناصب" على ما يبدو أهم من الكرامة والجماهير.