[x] اغلاق
وانتحر الغَزَل
30/5/2016 9:07

 وانتحر الغَزَل

زهير دعيم 

     في الفترة الأخيرة ، ، طفا على السطح من جديد موضوع الملاحقة والتحرّش الجنسي ، هذا الموضوع الذي يَقِضُّ مضجع كل أب وأمّ قبل الفتاة . فالموضوع أضحى فعلا شاغلا وأرقًا وشائكًا خاصة بين الرئيس والمرؤوس ، وكثيرًا ما يكون هذا المرؤوس هو الجنس اللطيف أو بالأحرى الزهرة التي تسير على قدمين ، فيستغلّ هذا المسؤول صلاحياته وهيمنته ويتصرف تصرفًا بعيدًا عن الذوق والاخلاق والضمير . إن الذين تثبت ادانتهم بالجرم المشهود يستحقون العقاب الصارم وان يذوقوا طعم السلاسل والقيود والرطوبة ولكن الأمر زاد عن حدّه ، وأضحى كابوسًا يؤرق الرجال حقًّا ، حتى أخاف على كلمة النسيب والغزل من الانقراض ، فأضحى الغزل وحتى العذريّ منه ملاحقة جنسية وتحرّشًا ، وأضحى نزار قباني مجرمًا في حقِّ القانون بعد أن رفع العنصر النسائي في جميل شعره الى الاعالي . قلتُ لأحد الزملاء بعد أن أسمعني  بيتًا من الشعر لشاعر لبنانيّ يقول فيه :

 

وأعظم من جمالك كبريائي ** وأعنف من لظى شفتيك بأسي

 

قلت  صدّقني  هذا البيت  من الشِّعْر يكلّفك أجرًا لعدد من المحامين الماهرين و"جرجرة محاكم " وخمس سنوات على الأقل في " بيت خالتك " إن انت تجرّأت وهمسته لصبية تعرف القانون ... ؟

 

ما كان الأمر هكذا ، فقد عشق اباؤنا وجدودنا وتغزّلوا تحت الرمانة والتينة وعند العين ، فهذه الفيروزة تقول وتسقسق بصوتها الكريستالي :

 

" تحت الرمّانه ، حبّي حكاني ، سمّعني غْناني يا عيوني واتغزّل فيّا " .

 

وما عرفوا المحاكمات والنيابة .

 

لقد فتح القانون الجاف أعيننا على ما لا نريد وأضحى الغزل والحديث البريء الى المرأة محفوفًا بالمخاطر وإن كنت لا تصدق فاسأل يا صاحبي سائقي التكسيات فلديهم الخبر اليقين ، فكم من أنثى " محتشمة " شلحتهم غلتهم .

 

قرأت مؤخرا ان اساتذة الجامعات في اوروبا وأمريكا يتحاشون الجلوس مع طالباتهم منفردين في غرفة مقفلة لئلا تكون الطامة الكبرى فإمّا العلامات الكثيرة وإما الشرطة ؟؟

 

التحرّش البذيء بذيء حقًّا ومرفوض وحقير ، وكلّ تحرّش حقير ومرفوض ، ولكن ان نغازل ونتغزل نحن معشر الرجال ونتغنّى بخفّة ظل حواء وجمالها الساحر ، فهذا من آداب الحياة ومقوماتها وإلا أضحت الحياة جافّة مقيتة وما عاد مكان للشعراء .