[x] اغلاق
رمضان كريم
9/6/2016 18:34

رمضان كريم

تهامة نجار

لم يكن شهر رمضان يومًا شعارًا نلوّح به, او مادة اعلامية او ربما ترفيهية, وفي جميع الحالات فهو ليس مادة استهلاكية وعلينا ان نكون حذرين في تحديد الأطار المناسب لهذا الشهر الفضيل من خلال إرساء جميع القيم الاخلاقية والانسانية لنرسخ معا القواعد الاساسية التي من اجلها فرض الباري عزّ وجل من خلال رسوله الصيام على المسلمين .

ولا يختلف اثنان في عمق  المعاني الدينية لهذا الشهر الفضيل والهدف من خلال تعزيز سبل  الرحمة والتسامح والمحبة وانكار الذات .وان الصائم على يقين ان الاخلال بإحدى هذه  القيم قد تفسده صيامه حيث ان  المقياس عند الله هو في النهج السليم والسلوك الحسن وان صيام الطعام ما هو الا شاكله نُجَمِّل بها صيامنا الروحاني والاخلاقي .

ولا يختلف اثنان في معاناة الشعب الفلسطيني الكبرى جراء الاحتلال الأهوج, وان العالم باسره متفق على ان الانسان الفلسطيني هو ضحية مأساة ومؤامرة كبرى تحاك بدعم كبرى الدول العربية ايضا .وان الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة تفننت ولا تزال تبدع في سبل واساليب الفتك والدمار بكل ما يتعلق بهذا الشعب العظيم ،  شعب الجبارين .

ولا زلت احاول منذ اللحظات المأساويه العنيفة أول امس في تل ابيب والتي راح ضحيتها اربعة شبان وعشرات المصابين ودمار عائلاتهم ، ان ابحث عن مبرر واحد  لهذا العمل الاجرامي ( لا مبرر للإجرام ) من خلال شمله مع نضال الشعب المقدس للتحرر من جلاده ,اِلاّ انّي لم اجد سببًا واحدًا مقنعًا يحمل من خلاله شابين يافعين من  هذا الشعب مسؤولية كبرى في تلطيخ وجه فلسطين والفلسطينيين امام العالم حين يظهر الجلاد بلباس الضحية وتتبدل الادوار تبديلا خاصة وان العمليه "تتفجر" في مستهل هذا الشهر الفضيل الذي من المفروغ أمره ان يظهر شعبنا من خلاله امام العالم بأسره وهو في قمة جماله الاخلاقي والروحاني والابداعي ويتحدى الألم والمعاناة بالإصرار والتضحيات ولا يفسد على الاسلام والمسلمين صيامهم ولا على الأمة العربية جمعاء, والا فكيف لنا ان نفاخر امام العالم بشهرنا الفضيل ونحن نمارس القتل والدمار والإبادة كغيرنا ونغذي روح الانتقام فينا بالرغم من جميع المحرمات الدينية والاخلاقية في هذا الشهر المبارك .

اخوتي كلنا اخوة في الانسانية وتعز علينا حياة الفرد الواحد منا  كحياة المجتمع بأسره ، فنتألم ونحزن ونبكي امام الشاشات الصغيرة حين يذرف طفل فلسطيني دمعة المًا وحسرةً على فقدان والد او عزيز او حين يتضور جوعًا  بسبب الفقر  والحرمان,  كذلك نحزن ونتألم لفقدان حياة شاب يهودي بلا ذنب اقترفه ودمار عائلته وخراب بيته، وانني اجزم انني كنت شخصيًا أضحي بكنيسة القيامة وحائط المبكى وبالأقصى الشريف وكنت أٌوقع الان على هدم بنيانهم شرط ان لا تسيل قطرة دم واحدة من طفل فلسطيني او مواطن اسرائيلي وتدارك الازمة واحلال السلام العادل من خلال نيل الشعب الفلسطيني جميع حقوقه الوطنية والانسانية .

هلموا بنا نعيش اجواء رمضان المحبة ...رمضان التسامح ...رمضان الخير والعطاء وان ننبذ جميعًا كافة اشكال العنف والاجرام علنا ننهض برمضاننا اليوم الى قمم جديدة من قيم الاخلاق والانسانية والروحانية

رمضان كريم