[x] اغلاق
قراءة في زيارة تعزية الرئيس الفلسطيني محمود عباس بوفاة الرئيس الإسرائيلي شمعون بيرس
6/10/2016 7:45

قراءة في زيارة تعزية الرئيس الفلسطيني محمود عباس  بوفاة  الرئيس الإسرائيلي شمعون بيرس

الإعلامي أحمد حازم

أعرف الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن، منذ سنوات طويلة جدا تعود للثمانينات وحتى قبل ذلك السنوات بقليل أيضاً. والحقيقة أني لغاية الآن لم أقم بإجراء حوار سياسي خاص معه، لأن الظروف لم تكن مؤاتية وربما كانت الرياح تجري بما لا تشتهي السفن. لكني عرفت من علاقاتي الخاصة بأن الرئيس عباس كان  موضع تقة لغالبية الأطراف عربياً ودولياً، علاوة على الثقة الممنوحة له على صعيد الشعب  الفلسطيني، الأمر الذي ساعد في اختياره خلفاً للراحل أبو عمار.

زيارة التعزية  التي قام بها الرئيس عباس بوفاة الرئيس الاسرائيلي شمعون بيرس، خلقت ثلاث فئات في الشارع الفلسطيني، وفئتين في الشارع العربي. الفئة الأولى فلسطينياً وهم قلة قليلة، تحدثت في تعليقاتها  بلهجة (السفلة) تجاه الرئيس ونعته بأوصاف يدنى لها الجبين،   دون الأخذ بعين الاعتبار لأمور أخرى التي من المفترض أن تكون خطاً أحمر في التعامل مع االرئيس.  واالفئة الفلسطينية الثانية فقد كانت تلك التي عبرت عن غضبها بالانتقادات العادية، وهذا حق  لها لأن الانتقاد البناء يكفله القانون الفلسطيني، شأنه شأن كل القوانين. أما الفئة الثالثة فكانت الفئة الداعمة لزيارة التعزية، وهي الفئة التي تشكل السواد الأعظم في الشارع الفلسطيني، حيث خرجت الآلاف في مظاهرات في رام الله دعماً للرئيس. وفي الشارع العربي، المنهمك في مشاكله الداخلية كان الأمر عادياً بين مؤيد ومعارض.

الفلسطينيون في السلطة الفلسطينية مثل كافة الشعوب الأخرى، فمنهم المؤيد لسياسة النظام ومنهم المعارض له، لكن الشيء الذي يميز الفلسطيني عن بقية غيره من الشعوب، هو أن الأمر عندما يتعلق بمكروه يحدق بالسيادة الفلسطينية،  فلا توجد موالاة ومعارضة بل إجماع على درء الخطر، وغزة مثال على ذلك، 

الإعلام العبري بشكل عام، تحدث إيجابياً عن زيارة التعزية، حتى أن بعض وسائل الاعلام العبرية  وجهت انتقادات شديدة لنتنياهو خلال زيارة عباس فيما يتعلق بالموضوع الفلسطيني. صحيفة "هآرتس" ذكرت في عددها الصادر في الخامس من  الشهر الحالي" أن مشاركة محمود عباس كانت خطوة حسن نية دبلوماسية تستحق التقدير تجاه دولة اجنبية، تجاه عدو يفترض التوصل معه الى سلام".

أحد المقربين من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أكد لي أن "أبي مازن" يدرس كل خطوة بدقة قبل الإقدام عليها، مشيراً إلى أن التعزية الفلسطينية بوفاة بيرس كانت رغبة فرنسية ملحة بل وأكثر من ذلك كانت (طلبا)  شخصياً من الرئيس الفرنسي هولاند للرئيس محمود عباس للمشاركة في مراسم التعزبة. نقطة أخرى لا بد من الإشارة إليها، وهي أن الرئيس الفرنسي  اجتمع في القدس الشرقية مع الرئيس عباس، وهذا دليل واضح من الجانب الفرنسي بمكانة القدس الشرقية فلسطينياً باعتبارها عاصمة لدولة فلسطين، ومن يفهم بالدبلوماسية يعرف أبعاد هذه الخطوة.

أمر آخر يتحدثون عنه وكأنه مأساة، وهو أن وزير الخارجية الأمريكي كيري،  لم يمد يده لمصافحة الرئيس عباس. باعتقادي أنا شخصيا هذه قلة أدب وانحدار أخلاقي من هذا العنجهي الأمريكي، وما فعله كيري يعتبر في عالم الدبلوماسية إهانة للمضيف، وليس إهانة للرئيس عباس الذي برهن عن التمتع بأخلاق فلسطينية عالية.