[x] اغلاق
كَيْفٌ أن تكون عربياً
29/11/2016 8:04

كَيْفٌ أن تكون عربياً  

جدعون ليفي هىرتس                        ترجمة: أمين خير الدين

        مُتْعةٌ أن تكون عربيا في إسرائيل. يتنّبه صيدلاني في سوبر فارم ويكتشف أنه لديه قدرة لإضرام نار، تستيقظ حاضنة من شفاعمرو وتكتشف أنها داعش، كل عامل بناء من الطيبة هو طابور خامس، كل ممرّضة في مستشفى هداسا هي خطر ديموغرافي، بائع الحمُّص  ليس بائعا للحمص، إنما  يبيع السُّمّ، ومنظِّف الأواني قد يخرج من المطبخ شاهرا سكّينا. ولا يمكن الاعتماد على الطبيب العربي، أحضِروا طبيبا يهوديّا.

   المحاضر، وكيل التأمين، موظف البنك، الصحفي، الميكانيكي وكل مواطن عربي يخرج للشارع هو بمثابة جسم مشبوه، من الأفضل له ألاّ يتكلّم لغته، وحتى بدون ذلك، قريب اليوم الذي ستصبح فيه هذه اللغة خارجة عن القانون في المجال الاجتماعي، إنها تعكّر هدوء اليهود وتخيفهم، بعضهم يشمئز منها،ولذلك أسكتوا المؤذنين.

 متعة أن تكون عربيا في إسرائيل، الدولة التي تخلص لها أكثر مما تخلص لك، الدولة التي تنكّل بأبناء شعبك، ممتع أن تكون عربيا في إسرائيل، حتى وإن كنتَ لا تستطيع أن تعرّف نفسك كما تريد،: هل أنت "عربي إسرائيلي" لا جدال في ذلك، هل أنت فلسطيني؟  الفلسطيني فقط من يعش في الأراضي المحتلّة. حتى لو كان ابن عمك القريب، لن تكونا من نفس الشعب. من المكن، ويفضّل أن تكون يهوديا أمريكيا وأن تعمل لصالح إسرائيل. ممنوع أن تكون عربيا إسرائيليا وتعمل لصالح الفلسطينيين، لستم أبناء شعب واحد، إيّاكم وان تفكروا غير ذلك.

  ممنوع أن تتذكروا ما لا يسمح لكم بتذكره،: الماضي، يوم الاستقلال هو عيد وطني، مَنْ يريد أن يذكر النكبة ليذهب إلى غزّة أو إلى السجن، مَنْ لا يشعر بالسعادة هنا ليذهب إلى غزّة، أنظروا ماذا يحدث في سوريا.

  ممتع أن تكون عربيّا، حاولوا أن تسافروا في أركيع أو إل–عال ستفهمون لماذا. حاولوا لمرّة واحدة مع حارس التفتيش الذي يفحص لهجتكم عند الدخول إلى ميناء بن غوريون الجوي، ملامح، أو ما يسمّونه حشرة صغيرة بلغة الأمن الدارجة. حاولوا استئجار شقة في صفد، أو حتى في رامات أبيب، حاولوا إيجاد عمل، ابعثوا سيرة حياتية، وانتظروا الجواب، ممتع أن تكون عربيّا إسرائيليّا، فقط يمكنكم أن ترواعربا آخرين في التلفزيون، بعد كلّ جريمة قتل "قتل على شرف العائلة". تقني التلفزيون لا يأتي إليك " خَطَرٌ عليه" لجنة التصنيف لن تفحص ما تشاهده عادة في التلفزيون،  لأنها تتركز في "بيوت العائلات اليهوديّة".

 ممتعٌ أن تكون عربيّا وأن تسمع عن الخطر الديومغرافي وعن الرحم العربي. ثمّة خطر أن "يضيع" الجليل، ويجب "تهويد" النقب قبل فوات الأوان، هذا هو الكلام السليم في إسرائيل، في أوروبا عندهم مشكلة "الأغراب"، وأيضا عندنا مشكلة العرب هم الأغراب عندنا "أبناء سبط بنيامين من بورما" يمكنهم أن يحصلوا على جنسية أوتوماتيكيا، أما إخوتكم أبناء البلاد الذين طُرِدوا أو هربوا عام 1948 لا يُسْمح لهم بالمجيء للزيارة. ممتعٌ أن تكون عربيّا.انظروا كيف يهينون ممثِّليكم في الكنيست، وكيف يعرِّفونهم.

      ممتعٌ أن تكون عربيّا في إسرائيل. حيث لا يوجد يهودي يتخيّل ما يمرّ عليهم  يوميّا، مع كل خروج للألاف منهم، من الغيتو المُعدّ لهم، والطافح بالإهانات والشكوك الدائمة.  لحظات صغيرة وكبيرة من الخوف والتحقير. تخيّلوا ما يمرّ على فتاة مُحَجّبة من يافا عندما تخرج، وما يمر على فتى عربي عندما يذهب لحضور فيلم.

  مع زيادة التحريض المستفز لرئيس الحكومة ووزرائه كلّ عربي هو مخرب، حارق، قاتل، مُغْتَصِب ،بالاحتمال، ما لم يثبت غير ذلك، ومع ذلك يهرعون إلى صناديق الاقتراع، بعد موجة الحرائق زاد الوضع سوءا، لقد أمسكوا بعربي وفي جيبه ورق تواليت، يغئال عمير لا يمثل كل اليهود اليمنيين، لكن كلّ عربي إسرائيليّ سافر إلى سوريا يمثِّل كلّ العرب، قطاع مُدهش بسلوكه المُنْضبِط  وبتطلعاته للتعايش يتلقّى الضربة بعد الأخرى. لكنه سينفجر يوما.  

   أوّل أمس، في حيّ روميما في حيفا، الحي الذي احترق قِسْم من بيوته، شاهدتُ عمالَ النظافة وهم يخلون النفايات، حاولتُ أن أتخيّل ما يدور في أفكارهم.