[x] اغلاق
قراءة في الذكرى التاسعة والستين لقرار تقسيم فلسطين رقم 181 من عام 1947
30/11/2016 8:17

قراءة في الذكرى التاسعة والستين لقرار تقسيم فلسطين رقم 181 من عام 1947

الإعلامي أحمد حازم

الفلسطيني أينما كان في هذا العالم، لا يمكن أن ينسى  يوم التاسع والعشرين من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني. ففي هذا اليوم من عام 1947 اصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار التقسيم رقم 181، حيث أوصت الهيئة الأممية في قرارها بتقسيم فلسطين إلى دولة فلسطينية على مساحة  43 بالمائة  من فلسطين وإلى  دولة يهودية على مساحة 56 بالمائة منها، ووضع مدينتي القدس وبيت لحم على ما تبقى من المساحة أي واحد بالمائة  تحت الوصاية الدولية.

قرار التقسيم جاء مخالفاً لأهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة ذاتها،  لأن البند الأول في الميثاق ينص على ان تكون ممارسات الأمم المتحدة متوافقة مع مبادئ العدالة والقانون الدولي، وأن تحترم مبادئ الحقوق المتساوية والحريات الأساسية وحق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها.

الأمم المتحدة لم تأخذ بعين الإعتبار أبسط قواعد العدالة في قرار التقسيم. فقد أعطت اليهود الذين كانوا يشكلون أقل من ثلث السكان ويملكون أقل من 6% من الأرض، ما مجموعه 56% من أراضي فلسطين، أي أن القرار أعطاهم عشرة أضعاف ما كانوا يملكون. فالأمم المتحدة حتي في خرقها للقانون الدولي لم تعر مبادئ العدالة أي اعتبار

الفلسطينيون والعرب رفضوا  قرار التقسيم، الأمر الذي أدى إلى  اندلاع معارك بين العصابات الصهيونية والفلسطينيين، مما أسفر عن  نكبة عام 48  وتهجير أكثر من سبعمائة ألف فلسطيني خارج وداخل فلسطين. وقامت العصابات  الصهيونية بتهجير مواطني أكثر من 450 بلدة وقرية فلسطينية تم تدمير معظمها تدميراً تاماً والإستيلاء على الأراضي والممتلكات.

وبعد عام من صدور قرار التقسيم، وبالتحديد في الحادي عشر من شهر كانون الأول /ديسمبر عام 1948 أي بعد سبعة أشهر من النكبة، أصدرت الجمعية العمومية للأمم المتحدة القرار رقم 194 الذي يعتبر أهم قراراتها المتعلقة باللاجئين الفلسطينيين. وينص القرار على حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم. وتكمن أهمية هذا القرار في أن عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى بيوتهم وممتلكاتهم هي حق لهم، وأن عودتهم تتوقف على اختيارهم الحر هم وحدهم .

الجمعية العامة للأمم المتحدة قبلت اسرائيل كعضو رقم (59) فيها، إلا ان قبول العضوية كان مشروطاً بالتزامات منها تطبيق القرار 194 الخاص بعودة اللاجئين والتعويض عليهم واستعادة ممتلكاتهم. وتظاهرت إسرائيل باستعدادها للتنفيذ،  لكنها تحدت المنظومة الدولية ولم تلتزم بتنفيذ  أي قرار للأم المتحدة حتى يومنا هذا.

وقد اصدرت الجمعية العامة في الثامن  من شهر كانون الأول /ديسمبر عام 1949 القرار رقم 302 والذي ينص على تأسيس  وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ( أونروا). حينها بدأ المجتمع الدولي ينظر إلى القضية الفلسطينية على انها مجرد  قضية لاجئين، وليس قضية شعب بحاجة الى تقرير مصيره بعد عودته الى دياره. هذا القرار جاء  من أجل ترسيخ  الهدف الاسرائيلي الأمريكي  بعدم عودة اللاجئين الفلسطينيين وتوطينهم في الدول المضيفة

وبالرغم من أن أوروبا كلها ولا سيما ألمانيا، تتحدث عن مسؤوليتها التاريخية والأخلاقية  إزاء اليهود وما تعرضوا له في فترة حكم النازية، لم نسمع دولة أوروبية واحدة تتحدث عن وجوب الإلتزام الأخلاقي تجاه مأساة الشعب الفلسطيني،  وحقه في العودة إلى وطنه حسب قرار من الأمم المتحدة.

وعندما أشار السويدي كونت برنادوت وسيط الأمم المتحدة للسلام في تلك الفترة إلى أن  قرار التقسيم  رقم 181 يتحدث عن دولتين، وان القرار لم يأت على ذكر عدم عودة اللاجئين إلى ديارهم، تم اغتياله من قبل عصابة "شتيرن" الصهيونية بزعامة اسحاق شامير في السابع عشر من شهر ايلول / سبتمبر 1948.

تسعة وستون عاماً مرت على قرار التقسيم، وثمانية وستون عاما مرت على نكبة التهجير، ووضع الفلسطينيين يسير من سيء إلى أسوأ عربياً ودولياً، وكل مئات القرارات التي صدرت عن الأمم المتحدة إزاء القضية الفلسطينية، نظرت إليها إسرائيل بعين الإحتقار ضاربة إياها بعرض الحائط. أما عن مواقف الدول العربية فحدّث ولا حرج. فقد كانت هذه المواقف ولغاية الآن مجرد مواقف "رفع عتب" لا تأثير لها، أضف إلى ذلك الإنقسامات في الشارع الفلسطيني، والتي لا يزال الفلسطيني يعاني منها حتى أيامنا هذه.

إسرائيل التي قامت بقرار دولي، تعمل ضد أي قرار من الأمم المتحدة ينص على إقامة دولة فلسطينية، وترفض بشدة قيام هذه الدولة حتى ولو على 22 بالمائة من مساحة فلسطين التاريخية. وعلى العكس من ذلك تطالب إسرائيل بالإعتراف بها كدولة يهودية، وتعمل على تثبيت شعار يهودية الدولة بهدف التخلص من نسبة كبيرة من الفلسطينيين، وهي لا تريد الموافقة على إقامة دولة فلسطينية، بل على إدارة فلسطينية مدنية على السكان وليس على الأرض، ضمن كانتونات هنا وهناك، لإبقاء الأراضي الفلسطينية نهباً للإستيطان اليهودي.

 وهذا بالطبع ما تريده إسرائيل من مفاوضاتها مع الجانب الفلسطيني، علماً بأن هذه المفاوضات هي مجرد تمثيل أمام الرأي العام العالمي من أجل كسب الوقت في مواصلة الإستيطان.