[x] اغلاق
الماضي الجميل
5/12/2016 8:26

      الماضي الجميل

زهير دعيم                                                                               "حلاوة يا سيدي حلاوة " تذكّرني هذه العبارة بالماضي الجميل بحلوه ومُرّه ، حلوه ؛ أيام كان المعلّم الشخصية المركزية ، يزرع في الطالب الفضائل مع العلم ، فتنمو النبتة قويّة ، متينة تتحدّى الصعاب ، وتقف شامخةً أمام عواصف اللاخلاقيات ، فيزهو المعلّم وتزهو التربية ، وتميد الدّنيا فرحًا بالأخلاق .

  كان المُعلِّم معلّمًا بحقّ ، تحيط به هالة من الكرامة ، واخرى من المسؤولية ، وثالثة من القداسة ، ألمْ يقل التلاميذ للسيّد المسيح  "يا مُعلّم " ..

   كان المعلم يأمر فيُطاع ، وكان سلطانه الهيًّا  وإنسانيًّا. الهيّ استمدّه من  شريعة السماء :" علّموا أولادكم بالعصا"   بعد أن نُجزِل عليهم المحبّة والحنان الدَّفاق ، وإنسانيّ  بعد أن قال الوالدان للمعلّم  "لكَ الّلحمات ولنا العظمات "وما سمعْتُ يومًا انً معلّمًا حزَّ لحم تلميذ ، وإنما بنى نفس التلميذ بناءً مُتراصّا ، مُتوازنًا  وسليمًا .

  قد يقول البعض ان  معلمنا القديم كان إرهابيًا ، استعمل العصا ، فعاقب ولم يتورّع من استعمال الفَلَق ، فأقول : لم يكن أبدًا إرهابيًا،  وإنما كان أبًا حنونًا ، رغم انّ لي رأيًا  آخر في العقاب  البدنيّ  ، فاستعماله خطأ قد يؤثّر سلبًا على نفسيّة الطالب ، ومن المُفضّل تفاديه مع استعمال سلطان الحزم والشخصية المُهابة والقوية ، ولكنَّ الدلع والدلال الزائدين والإحساس المفرط في الحساسية ، ودعم الآهل اللامحدود لابنهم الطالب ضدّ المُعلّم ، فيه ضرر لا يقلّ فعالية ، أضف الى ذلك القانون المطّاط ، وحُماته من الشُّرطة ، والتي لأقلّ سبب وأتفه ذريعة  تحتجز المعلم وتختصر حريته وقيمته..

  فأنت اليوم تجد الأم او الأب أنانيًّا لا يهمّه إلا ولده ، فهو يريده في المقعد الاوّل , وأن نُوجّه لحضرته كل الأسئلة!! وأن يعبث ويروح ويجيء في الصّف وإياك أن تمسّ إحساسه المُرهَف ، فإن  أنت اردْتَ ايّها المعلم  أن تُعلّمه درسًا فليكن  من خلال جاره  او زميله ، أمّا ان يصل الأمر الى ولده وفلذة كبده ، فستقوم الدُّنيا ولن تقعد ، وستدخل يا صاحبي ، يا صاحب القلب الكبير –المُعلّم – ستدخل بيت خالتكَ ، والطبيب الألمعي الذي يُطرّز التقارير الطبّية الكاذبة في معظمها لقاء  دُريهمات ، سيُطرّز لهذا الشقي تقريرًا ، لأنك جرحْتَ إحساسه بكلمة عابرة ، ...انّه لم يفعل شيئًا فقد عطَّل فقط الحصّةَ ، واعتدى على زميله وانتقص من هيبة معلّمه !! أعلى مثل هذه التوافه تُرمى في وجهه تلك الكلمة العابرة ..يا حِ .. .....معاذ الله ؟!!.

  قال لي احد المعلمين : انّ التربية الحقيقية هي : أن تُوجّه لكثير من الأهل لا للأبناء ، رغم أن معظم الأهل يكنّون للمعلمين احترامًا كبيرًا ، الا انّ القِلّة هي التي تتربّص للمعلم تربّصًا ، وفي أغلب الأحيان تجنّيًا ، هي هي التي تُعكِّر صفو العملية التربوية.

حان الوقت فعلا لأن نعيد للمعلّم هيبته  وسلطانه ، فنعيد بذلك للكرامة مجدها وللأخلاق تاجها .