[x] اغلاق
شظــايــا لقــاء
16/12/2016 7:39

شظــايــا لقــاء

بقلم: مارون سامي عزّام

وقفتْ بباب المقهى وراحت تُجيل النظر في أرجائه، باحثةً عن مكان تجلس فيه، فدعوتها لمجالستي، فرِحَت، وكأنها كانت تنتظر منّي تأشيرة منّي. صبّ نهر الحديث بيننا في وادي التّطفُّل... ولكن سرعان ما أخرَجَتها نباهتي من قُرص ذاكرتي، فتراجعَت لهفة حديثي معها، لأنّي تذكّرت أنها من نوعيّة الفتَيات اللواتي يتحايلن على الشبّان.

قلت بنفسي: "الآن أنا مستَهدفٌ شخصيًّا من قِبَل نيران أنوثتها الملتهبة بالشّهوات"، فإنها تتمتّع بقدرة هائلة على فَتح سَد ثرثرتها، فيجرف أي شخص إلى أعماق محيط سلاسة حديثها، لكنّه لن يجد الذي يُنقذه من ورطته الرّومانسيّة اللاإراديّة!... فبعد أن تسلبه فِكريًّا، تتشرّد لحظات عفويّته لا شعوريًّا، نحو عالمها العصري، وهي تفعل كل ذلك، من أجل الوصول إلى هدفها!!"

اتّخذتُ حيطتي منها... لم أُعطِها مجال الدخول إلى باحَتي الشخصيّة، لئلاّ تبدأ بتقليب أوراق خصوصيّاتي، من كل الجّهات، مثل المخْبِرين، بحثًا عن أرشيف ذكرياتي القديم... أبقيتها خارجها، تحسُّبًا من حدوث أي ماسٍ في حديثنا يُشعِل خزانتي السريّة وما فيها من مخزون خاص، لأنّه عندئذٍ سأصبِح دمية خشبيّة، تُحرّكها بخيوط دهائها وتحايلها.

استاءت من عدم تجاوبي الكامل معها، تركتْ المقهى مسرعةً متلبكةً، أدركتُ أنها كانت منزعجة من حياديّتي، ولم تودّعني أو تشكرني لدعوتي لها، لاعتقادها أنها ربّما تستطيع أن تسحرني بعصا قناعاتها العجيبة، أو قد تتغلّب عليّ في هذه المبارزة الحوارية، لذلك حَطَّمَتْ حاجز لياقة اللقاء الذي فصَل بيننا، وتطايرت شظاياه في عقلي، وما زالت منتشرة في أرجائه.

عادت شظايا ذلك اللقاء لتنتشر في ذاكرتي! ولا أدري لماذا، ربّما لأنّي وجدت اسمها صدفةً على موقع التواصل الفيسبوك، ولكنّي تجاهلتها، ولم أرسِل لها طلب صداقة، فهذا النوع من الصداقات التي يعرضها علي أمقتها. أبعدت هذه الشظايا عن درب يوميّاتي، وكل ما تبقّى منها هو حزمة من ديناميت جنونها، سوف تتفجَّر يومًا ما بوجهها الملوّن بالخداع، لتتوقّف عن سرقة انتباه الآخرين من أفق تركيزهم، ربّما هكذا تتطاير شظاياها الجارحة لمشاعرهم إلى الأبد، حتّى تمزّق وشاح رقّتها المزيّف!!