"شفاعمرو ستدخل كتاب غينس بصحن تبولة" نعم.. نعم.. هذا ما أكدته لنا بعض صحف نهاية الأسبوع ومواقع الشبكة العنكبوتية.. وعلقت لافتات تبشرنا بهذا الأمر.. نعم.. ولما لا.. اذن فلنطلقها زغرودة طويلة.. شرط ألا تنافس صحن التبولة في دخول كتاب غينس للأرقام القياسية.. ولم لا ندخل التاريخ، أي غينس من خلال صحن التبولة، ما العيب في ذلك؟! ستقولون لم يبق لنا في شفاعمرو إلا صحن التبولة لنفاخر به. ولم لا؟ ألا يقال أن الشعوب تختلق الأساطير والبطولات اذا لم تتوفر لها، ولم لا نختلق الانجازات طالما أنه لا يوجد لدينا ما نفاخر به. ولم لا نبني أبراجا من البرغل والبقدونس بدل الأبراج الأثرية التي تركناها عرضة للفناء والاندثار. ولم لا نسكب أكيالا من زيت الزيتون في موسم شح فيه الزيت والزيتون حتى نعرف قيمة تلك الشجرة وأهمية رعايتها والحفاظ عليها، بدلا من اهانتها وجرفها وطمرها بالأوساخ والقاذورات. ولم لا نبني قلعة من التبولة بدل قلعة الظاهر عمر التي تشكو الوحدة والعزلة والمهانة. اذن عشنا وعاشت التبولة.. وزغرودة أخرى!
نعم بعد خيبة الأمل الكبيرة التي أصبنا بها، لم يبق لنا إلا صحن التبولة ليعيد لنا ولو بصيصا من الفخر والاعتزاز. ان شفاعمرو لم يعد لديها ما تنتجه وتقدمه إلا التبولة. ولم اعرف منذ متى اشتهرت شفاعمرو بالتبولة، أليست هذه أكلة لبنانية الأصل؟ فلماذا نسرق نتاجات غيرنا، وهل يحق لنا أن نحتج على سرقة الفلافل والحمص بعد ذلك من تراثنا؟
تفاءلنا قبل عام بأن شفاعمرو ستدخل عصرا جديدا. وعدنا بأن وجه شفاعمرو سيتغير، وانتظرنا أن تشهد شفاعمرو نهضة كبرى عمرانيا وثقافيا وعلميا، وكنا على موعد مع شفاعمرو في احتفالها بالمئوية الأولى بوجه عصري حضاري. وإذ بالحضارة الشفاعمرية تتوقف عند صحن التبولة، ونهضتنا تتمثل في تكاتف وتعاضد النساء الشفاعمريات في فرم البقدونس ونقع البرغل وعصر الليمون. واذ نحن على موعد مع الطعام، أجل الطعام.. بعدما فكرنا أن عهد الطعام والبطون ولّى الى غير رجعة، واذ بالحقبة الجديدة تسير في ركب الحقبة القديمة، ونكتشف أنه لا امكانية أمامنا بالابتعاد عن الطعام. فلماذا أقمتم الدنيا على "الدجاجة" احتجاجا وسخرية، واليوم تقيمون الدنيا على صحن التبولة احتفالا واعلاما!! أهذه هي المفاهيم الجديدة التي سعينا اليها؟ أهذا هو الوجه الحضاري الذي صارعنا من أجله؟ أهذه هي النهضة التي انتظرناها وترقبناها؟ اذن عشنا وعاشت النهضة التبولية.. وزغرودة ثالثة.
ترى أين سيعرض صحن التبولة الأسطوري، وأي خلفية سنختارها لالتقاط الصور عندها؟ هل سيكون دوار الشهداء صاحب الحظ والنصيب، باعتبار أنه شهد عملية تجميل تناسب التقاط الصور التذكارية؟ خاصة وأن مناسبة احتفالنا بصحن التبولة تتزامن مع موعد جلسات محاكمة الشبان الشفاعمريين الذين دافعوا عن كرامة شفاعمرو وأرواح أبنائها، وهذه مناسبة لتذكير الاعلام بأن قضية شباننا ما زالت ملتهبة والجرح ما زال مفتوحا؟ أم نختار دوار البركة لنثبت للقاصي والداني ولمن يتصيدون بالمياه العكرة، أن شفاعمرو عادت متآخية، متعاضدة تأكل التبولة بتسامح وأخوة لا مثيل لها، بعدما تقصينا الحقائق وارتحنا من وجع الرأس.. ولا مانع من اضافة مؤثرات صوتية الى جانب المشهد الرومانسي، من أصوات الموتورات والتراكتورونيم والدراجات النارية. أم نختار دوار البلدية الذي صدرت الأوامر بقلع التصميم القديم له وتصميمه من جديد بما يليق بصحن التبولة ومكانته العالمية، ولا أروع من افتتاح دوار البلدية بحلته الجديدة والنافورة قد عادت اليها الحياة رغم كل ما يقال عن شح المياه في البلاد، باحتفال دخول شفاعمرو لكتاب غينس مع صحن التبولة، حيث المنظر الجديد للدوار بنافورته وأضوائه، واذا تعطلت الأضواء يمكن الاستعانة بأضواء المفرقعات النارية التي تضيف مؤثرات صوتية رائعة متناغمة، ويدخل دوار البلدية عهدا جديدا وينهض من جديد مع الاحتفالات، ولا مانع من استدعاء فرقة من "عادي" أو "هاردوف" لرقص الهورا لدعم مسيرة التعايش اليهودي –العربي، بدل عهد الغم والحزن المتمثل بالمظاهرات والاعتصامات كلما حلت مأساة أو ذكرى مؤلمة، فنحن نريد أن نفرح يا اخوان وكفانا غم وهم، شو هالعيشة معاكو؟ وعشنا وعاشت نهضة التبولة.. وزغرودة رابعة...