[x] اغلاق
إطلاق الرصاص في الأعراس ظاهرة خطيرة تتطلب تحرك المسؤولين
12/4/2017 8:51

إطلاق الرصاص في الأعراس ظاهرة خطيرة تتطلب تحرك المسؤولين

الإعلامي احمد حازم

شاهدت تقاليد اجتماعية كثيرة في هذا العالم، وعشت عادات بعض الشعوب في كافة القارات، ولم أر في حياتي سلوكيات في الأفراح، تشبه ما نعيشه نحن في وسطنا العربي، والتي يحلو للبعض تصنيفها تحت مسمى عادات، لكنها في حقيقة الأمر ليس كذلك، لأن العادات هي ممارسة للكل، والسلوكيات هي ممارسات لحالات منفردة.

بدأ موسم الأعراس، والذي يعتبره الكثيرون عبئاً عليهم، ولكن لا مفر من تحمل هذا العبء، لأنه ينخرط أيضا في إطار الواجبات الإجتماعية. فمشاركة الآخرين في الأفراح شيء جميل جداً، لكن هناك أصول وقوانين يجب أن تحترم أيضاً في الأعراس وفي سهرات الأعراس.

كنت عائداً إلى بيتي ذات مساء، فإذا بالشارع الرئيس مغلق، والسبب سهرة عرس. نعم "منشان سهرة عرس بسكروا الشارع، وممنوع حدا يعارض أو يحكي". ورغم وجود قاعات للأفراح منتشرة في كل مكان، وإقامة السهرات فيها لا يزعج أحداً، إلاً أن بعض أصحاب الأعراس يرون في إغلاق الشوارع، أسهل وأرخص لهم من القاعات، لكنهم لا يفكرون أبداً في إزعاج الناس ولا يهمهم ذلك.

من الناحية القانونية والأخلاقية أيضا، فإن ذلك ممنوع بتاتاً. لكننا نحن شعب نكره الممنوعات، ومفهمونا لها يختلف كلياً عن مفهوم الشعوب التي تتحدث بالمنطق. وبما أننا شعب لا علاقة لنا بالمنطق نهائياً، فإننا نفعل ما نشاء ومتى نشاء، دون الأخذ بعين الاعتبار انعكاس ما نفعله على الجار أو المحيط أو المجتمع.

ليس هذا فحسب، فخلال سهرات ما يسمى بــــ "التعليلة"، التي تسبق السهرة الرئيسية، يبقى المحتفلون بالعرس يسمعون الموسيقى بصوت عال جداً لا يطاق، ومزعج في نفس الوقت خصوصا للجيران، ومن ينتقد أو يعترض فهو ضد أهل الفرح وممنوع أن يعلو صوته فوق صوت الموسيقى الصاخبة، التي تبقى بدون انقطاع حتى ساعة متأخرة من الليل وليس أقل من الواحدة صباحاً.

وصوت الموسيقى في بعض الأعراس، يكون مصحوباً بصوت الرصاص الحي. فإطلاق النار ليس في المعارك فقط، وليس متوقفاً على المافيات والعصابات، وليس لتخويف الحرامية وما أكثرهم في بلدنا، إنما نسمع إطلاق رصاص في أعراسنا المباركة، وكأن العرس عند البعض لا يكتمل إلا  بـــ "الطخ"، ومن يريد أن يجرب أي قطعة سلاح ، فالأعراس أحسن مناسبة لذلك.

زارني صديق ألماني الجنسية ولادة وشكلاً وإسماً: كان يعمل معي سابقا في مجلة ألمانية ولديه اهتمامات بالشرق الأوسط وبالتحديد بالصراع العربي الاسرائيلي. وكان وقت زيارته موسم أعراس فاصطحبته معي إلى سهرة عرس ابن صديق لي، حيث أخبرني بأنه يشارك لأول مرة في عرس عربي.  وقد ( انبسط ) صديقي للكرم العربي الذي يتضاعف بشكل كبير في الأعراس. لكن فرحته لم تستغرق وقتا طويلاً. فعند سماعه أول " رشة " من سلاح أوتوماتيكي، وبدأ ينظر يمنة ويسرة، ثم أمسك بي وعلامات الخوف والهلع بادية على وجهه، وسألني بصوت باهت بالكاد سمعته من فزعه: ماذا جرى؟ فقلت له لا شيء، ولا داعي للخوف والقلق، وهذا مجرد تعبير عن الفرح. وشرحت له ظاهرة استخدام السلاح في الأعراس. فلم يحتمل صديقي ما سمعه وطلب مني العودة فوراً إلى الفندق،

قرأت معلومة مفادها أن وزير الأمن الداخلي، جلعاد أردان، اعترف بأن 90% من السلاح غير المُرخص في شمال البلاد حيث التواجد العربي الكثير،  مصدره الجيش الإسرائيلي. وحسب قول أردان فإن جنود إسرائيليون يبلغون عن ضياع أسلحتهم، لكن الحقيقة هي أنهم يقومون ببيع أسلحتهم لجهات عربية. واعترف أردان أيضاً  أنه تم  في عامي 2014 و 2015 في فتح 2,500  ملف تتعلق بقضايا بيع السلاح. فلماذا إقبال العربي على  شراء السلاح ولماذا استخدامه. الشعوب الراقية والحضارية تتحاور فيما بينها وتحل المشاكل عن طريق التفاهم، ونحن لا نزال نؤمن بالقوة  واستعمال السلاح حتى في الأعراس كرمز للقوة.

صحيح أني مع المشاركة في الأفراح والليالي الملاح، لكني ضد إطلاق النار في هذه المناسبة السعيدة، لا سيما وأن إطلاق النار هذا، نجم عنه إصابات في بعض القرى، وذهب ضحيته أبرياء، والأمثلة عديدة على ذلك. وأنا أتساءل مثل غيري من العقلاء عن سبب مقنع لهذا (الطخ)، وأدعو من يهمهم الأمر في مجتمعنا العربي، للعمل على وضع حد لهذه الظاهرة الاجتماعية الخطيرة.

لكل شيء في هذه الحياة أصول، ومبروك للجميع أعراسهم، ودامت الأفراح في دياركم عامرة، لكن إذا أمكن بدون (طخ).