الكثير منا وللوهلة الأولى عندما تلتمس أذنهم بنغمات العلمانية ... يعتقدون أنها تعني الكفر أو الإلحاد , لأنها تعني فصل الدين عن الدولة , وفصل السياسة عن الدين وعدم تدنيسه , فكثيرون يعتقدون أن العلمانية هو مصطلح معاصر أهدافه فصل الحياة الشخصية عن الدين أي أن الإنسان هو الذي يشرع لنفسه كل شي , وهذه العلمانية المخيفة هي العدو اللدود لبعض رجالات الدين وإذ أنهم يعتبرونها خطر كبير يهدد الأديان السماوية , ويفسرون العلمانية ويقلدوها وسام "شبح العصر" وبأنها ألادينية وليس لها علا قه بمفهوم العولمة والثقافة والتطور الذي يشهده العالم وأنها تهدف إلى عدم الاهتمام بالآخرة و الاهتمام بالدنيا فقط وهي التي تنكر وجود الدين كلية وتنكر وجود الله الخالق البارئ المصور ولا تعترف بشيء من ذلك القبيل بل تحارب وتعادي من يدعو إلى مجرد الإيمان بوجود الله , ولكن إن اقتران دلالة (العلمنة) بالإلحاد واتهام العلمنة بصلة النسب "القرابة" مع الإلحاد,هو نتاج نوع من التعميم والقصر في آن واحد. فهو تعميم، لأن الذين يقعون فيه ينطلقون من إلحاد بعض العلمانيين، ولا سيما هؤلاء العاملين في المجال الفلسفي الاجتماعي المحض ، ويسقطونه تباعا وطغيانا على كل شخص علماني أو على كل حركة علمانية أو أي ثقافة تنم من منطلق العلمانية . وهو قصرٌ، لأنه يختزل اتجاهاً ثقافيا وسياسياً واجتماعياً دنيوياً كاملاً بفكرة تضمنها طرح وفلسفة هذا العلماني أو ذاك، ويهملون الجوانب الكثيرة والمتعددة والفكر الأخرى التي تتعلق بالحياة الاجتماعية والفكرية والسياسية، ويتصورون أن للعلمانية المعاصرة هدفاً وحيداً هو القضاء على الدين نهائيا أو تقليص دوره الفعال وإلغاء مساهمة مؤسساته في حياة الناس,ولكن العلمانية ليست هي الخطر علي المسلمين أو باقي الأديان وليس بالضرورة أن فصل الدين عن الدولة معناه عدم الاعتراف بالخالق عز وجل وإذا نظرنا إلي حياتنا اليومية فنحن لانطبق الدين في أشياء كثيرة وإذا استقطبت أمثال معينة لن نستطيع أن نجد لها نهاية, أذا فلعمانيه لها تعريفات كثيرة تعني أيضا فصل عالم السياسة عن الدولة ونظامها والتي يعبر عنها بعبارة فصل الدين عن الدولة وهي أيضا رؤية شاملة حرة للواقع المعاصر الذي نعيش فيه ,فهي تحاول بكل صرامة تحييد علاقة الدين والقيم وليست تبيح الفجور وتنهي عن علاقة الإنسان بالخالق الباري وهي ليست بخطر علي الوجود الديني والملي بل العكس صحيح إذ أنها تتفق مع الأديان السماوية في عدة أمور ومنها أن هذه الأديان قد قامت وعملت على ضمان الحقوق الدينية والثقافية للأقليات الدينية والمذهبية والعلمانية,حيث أنها مبدأ سياسي تنظيمي ينص على تجاوز الخلافات الدينية والمذهبية أي أن الدين يزدهر في الأنظمة العلمانية ليكون أحد الصروح الجوهرية والأساسية في المجتمع والتي يفتخر بها.
إن للمؤسسات الدينية الإسلامية منافع اجتماعية ومالية وسياسية كثيرة من ربط الدين بالسياسة بالدولة. وهم من خلال ربطهم بين الدين والسياسة، يهدفون إلى أن يصبحوا جزءاً لا يتجزأ من السلطة ومن المنافع التي تنتفع بها حيث ينالون مآربهم من النفوذ السياسي الذي يتمتعون به. وقد تحقق لهم ذلك خاصة في بعض دول العربية في الخليج. وهذا الوضع كان موجوداً في الدولة العربية الكلاسيكية.كما نشأت في المسيحية مؤسسة قُدسية تحالفت مع السلطة المال وعملت لدعمها وشاركتها ، كذلك كان الأمر في الإسلام منذ بداية العصر الأموي وحتى الآن. ذلك أن فصل الدين عن الدولة يشكل تهديداً كبيراً للمؤسسة الدينية كما يشكل تهديداً كبيرا للمؤسسة السياسية التقليدية الوراثية التي تحتل بدكتاتوريتها وبتماثيلها المزينة وبنظامها معظم البلدان العربية الإسلامية . فهذا الفصل بين الدين والسياسة فيما لو حصلت المعجزة وتمّ سوف يحيل رجال المؤسسة الدينية إلى فئة المتقاعدين "العاطلين عن العمل" أي أنهم سيتحولون فجأة إلى مواطنين عاديين يعانون من الفقر المادي، والإهمال الاجتماعي، وفقدان الوجاهة والزعامة الاجتماعية، والحرمان من السطوة الثقافية والسطوة السياسية التي يتمتعون بها ، وبعد أن كانوا وما زالوا من أولي الأمر، فإذا لاحظتم أن فرسان الحلبة السياسية في العـالم العربي والإسلامي الآن إما من العسكر وإما من رجال الدين. وأن مصدر تخريج الكوادر السياسية في العالم العربي والإسلامي هما: الكليات العسكرية، والمعاهد الدينية, أن مفهوم العلمانية المعاصرة والديمقراطية وحقوق الإنسان هي مفاهيم حضاريه صالحه للبشرية جمعاء ولحكم كل الشعوب بمختلق أديانهم ومللهم وقوميتهم فهي تعني دولة المواطنة والمواطن لا دولة مواطنين حسب طبقاتهم الدينية أو السياسية فهي وبهذه المفاهيم تطبق أهم الحقوق الأساسية لنا نحن البشر ,فإن العلمانية تعني فصل كل من السلطة السياسية والدينية عن بعضهما البعض مع ضمان احترام جميع الأديان والمعتقدات ألدينيه والهويات الثقافية والروحية دون المس بأي منها,إذ إنها تعني أن الدولة هي دولة القانون الواحد صاحب السيادة الذي يسري على جميع المواطنين بغض النظر عن دينهم وطائفتهم وقوميتهم ومناصبهم وطبقاتهم فهي تضمن العدول الاجتماعي بين كافة الشعب دون أي تمييز , ومن الجدير ذكره أن مفهوم العلمانية قد تعرض لتشويه في بعض الدول الإسلامية والعربية وفي مناطق مختلفة من العالم من قبل تيارات إسلامية سياسية , فقد شوهه العلمانية كمبدأ وتطبيق أداري ناجح للحكم ويلبي طموحات الشعوب ويضمن حقوق مواطنيها إلى أنها تدعوا إلى طمس الدين ومحاربته, ولذلك نرى اليوم حال ألأقليات العرقية و الدينية في الدول العربية والإسلامية حيث أنها تعاني من أحوال صعبة للغاية فعندما تتغيب ثقافة العلمانية عن معظم الدول العربية والإسلامية ..وعندما يزداد التشدد الديني على أساس طائفي وعرقي بحت , نلاحظ أن هذه الأجواء كفيلة لتشجيع نمو الكثير من المجموعات والحركات الإرهابية ألأصولية المعقدة التي لا تتماشى مع تعاليم القران الكريم بل هم بذلك يعبرون عن نزق نفسيتهم المريضة وعقولهم المتحجرة, فتكون النتيجة دموية وفتاكة كما هي الحال في العراق حيث بلغ عدد القتلى من المسيحيين ما يزيد عن 2700 قتيل غير المغتصبات والمختطفين والمختطفات والذين تزوجوهن بالقوة وتحت تهديد السلاح وتعرض عشرات الكنائس للتفجيرات والسرقة، كما وتعرضت الكثير من منازل وممتلكات المسيحيين إلى دمار شامل وهناك ما يزيد عن 760 ألف مُهجر ومهاجر والهدف واحد هو تفريغ العراق من أهله المسيحيين وكانت أحداث الموصل التي حدثت في الربع الأخير من العام 2008م أكبر البراهين على التصفيات العرقية بحق المسيحيين هناك.
أن الله أنزل الديانات سماوية الثلاثة هدية قيمة لهذه الأرض لكي يعيش أتباع كل الديانات السماوية في محبة وصداقة , وأن هذه الديانات هي رسالة صريحة وواضحة من خالق هذه الدنيا وما فيها حيث انه يدعونا لأن نحب بعضنا البعض , فالقرآن واضح كل الوضوح فإن جنحوا للسلم فاجنح لها والانجيل واضح المجد لله في الأعالي وعلي الأرض السلام وبالناس المسرة, فطالما أن الديانات السماوية ديانات سلام هناك التزام إلهي على إتباع الديانات السماوية بالتعاون بينهم والعيش في سلام ووئام .