بقلم: مارون سامي عزّام

كفاكِ بلطجيّة بنظراتكِ، التي تركت كدماتها على درب عفويّتي، لتوقعيني عمدًا في جناية التطفّل، أنا بريء منها... فهمتُ حالاً أنّ هناك عطل ما في جهاز نظراتكِ، جعله يتلاعب بميناء عينيكِ، حتّى استطاع أن يستوعب هذا الكم الهائل من بضائع المراهَقةِ الفاسدة، التي استوردتِها من بلاد إغراءاتكِ، وبكلِّ أسف رفضتُ أن أسوّقها لنفسي، لأن صلاحيّتها منتهية منذ اللحظة الأولى.

تحركات نظراتها الفاحصة وغير الطبيعيّة لشكلي، جعلتني أراقب تصرّفاتي، لربّما تعاني من خلل سلوكيّ... لربّما هناك شيء ما أدهشها، جعلها تصوّب نحوي مُسدّس جرأتها، لتثقُب برصاص مفاتنها، دولاب لامبالاتي الذي يدُور برأسي، معتقدة أنها تستطيع اختراق جدار شخصيّتي، لا تعلَم أنه حصين ضد أي سلاحٍ أنثويّ حاد، يحاول طعن كرامتي، حتّى تنزف راضخةً، فهذا غير وارد لدي!!

تحلم بمساءلتي غيابيًّا، لتستجوب محامي الدّفاع عن رزانتي، من أجل أن تفهم سبب تجاهلي لها! فتدّعي أمامه أنها جميلة، بالنسبة لها هذا دليل كافٍ لتلفت أنظاري إليها، قدّم لها المحامي رسالة شفهيّة منّي، أقول فيها، إن ما تقومين به هو خرقٌ فاضح للذّوق العام، وكل ما يعنيني بالأمر هو هيبة أخلاقك، أكثر من جمالكِ الشّكلي.   

لم تفهم أبعاد حلمها، لأنها شخصية مثيرة للجدل، دائمًا تلاحقني أينما أكون، ولكن رهبتها منّي، جعلت مسافة تقرّبها أبعد ممّا تصوّر، فبيني وبينها يوجد غُربة شخصيّة، ألغى تردّد اللهفة، الذي كان يعمل على قمر التودّد، آثار التساؤلات الكثيرة الظاهرة على درب سذاجتها، غطّت حدود الأدب، التي كان يجب أن يوقفها حرَس الأخلاقيّات، ليجري معها تحقيقًا شاملاً ومستوفيًا لتصرّفاتها المركّبة، جرّاء تحرّش نظراتها بي، وخاصةً عندما أسلُك يوميًّا الدرب الاعتياديّة، رغم أنّه لم تعترضني يومًا نظرات وقِحَة كهذه، نظرات استخباراتيّة، تلتقط أي حركة عفويّة غير مقصودة.

لا أدري لماذا تتصرّف بهذا الشكل المستفز لأعصابي؟!! أنا لم أسأل عنها، ولا أنوي فِعل ذلك، لم أفكّر في جمع معلومات عنها، فأنا في غنى عنها، وعن أمثالها من الفتيات المجنّدات فقط لخلق بلبلة بين الشّبان... فجأة وجدتُ على صفحتي الخاصة في الفيسبوك، طلبَ تأشيرة دخول، عرفتها من صورة ملفّها الشخصي، ولكن الاسم كان مستعارًا، أيقنت أنها مضطربة فكريًّا، ورغم ذلك قَبِلتُ تأشيرتها.

أجريتُ نظرة استطلاعية شاملة لصفحتها "القيّمة"!! فوجدتها كما توقّعت، صفحة مضامينها هزيلة... منشوراتها هزليّة... وضعيّات صورها لا تليق للنّشر العلني، صداقاتها غريبة تشبهها، معلوماتها الشخصيّة مزيّفة. بعد معاينتي لصفحتها، اكتشفتُ أن عقلية هذه الفتاة بهلوانيّة، غير ثابتة، تقفز من مبدئٍ لآخر، "بخفّة أيدولوجيّة" غير مسبوقة!!، فهي لم تُعلّق أو تُعجَب بأي منشور أكتبه، بل بقيت مشاهدة صامتة غير فعّالة، تجلس مع أمثالها في سينما الفيسبوك، لتشاهد فيلمًا إيمائيًّا، يحاكي المشاعر البشريّة بجمل تعبيريّة، فغطّى رماد الغموض، حتّى صفحتها!!