[x] اغلاق
رومـا الصغـرى
10/12/2017 9:56

رومـا الصغـرى

 بقلـم الدكتور عبد الكريـم عمر عمشة

بعد أن قمت بجولة في شوارع المدينة برفقة وفد من خارج البلاد لأعرض لهم أجمل معالم مدينتي الاثرية والأماكن السياحية الموجودة فيها، حيث بدأت الحديث عن تاريخ مدينتي وسبب تسميتها وأهميتها من كافة الجوانب لمّا كانت عليه من محط أنظار الولاة والحكام لموقعها الاستراتيجي والجغرافي، وتابعت حديثي عن النسيج المميز والتنوّع الديني والتعايش السلمي والمحبة والسلام بين أبناء البلد الواحد، ومن ثمّ دخلنا الجامع القديم الذي بنِيَ في القرن السابع عشر في زمن ظاهر العمر الزيدانيّ.. وزرنا أيضاً جارته الكنيسة العريقة التي يعود تاريخها أزمنة عديدة خلت. ودخلنا خلوة بني معروف القديمة، ثمّ الكنيس العتيق الذي لا زال يحمل فوق رأسه شمعداناَ كبيراَ. وتملّكني الزهوّ بمدينتي وجوهرها الثمين حين استأنفنا المسير نحو الحجر الموجود في قلعتنا، والنقش المحفور في صخر مغارتنا، مروراً بالدير المتربع على عرش في مركز البلدة القديمة، والذي أقيم على أنقاض كنيسة يعود تاريخها للقرن الرابع... وكيف لي أن أنسى السوق القديم المزدحم بالحوانيت المهجورة، والبرج الذي تساقطت حجارته ولم يبقَ منه سوى اَثار لا تدل على شكله إنما على موقعه، والعين التي تذرف دمعاَ لا شرابا.. فبعد أن كنت فخوراَ انتابني الخجل ممّا رأت عيني.. لعدم حفاظنا على ما نملك من كنوز لا تمتلكها باقي المدن والقرى المجاورة. واستقللنا السيّارة لنجوب شوارع المدينة وأزقتها، لتقع أنظارنا على أكوام القمامة هنا وهناك، فغمرني خجل فوق خجلي، ولم أعرف كيف أتصرف. فتدبرت الأمر بالحديث عن رومـا الصغـرى وجمالها بسبع تلالها وروعة تاريخها.. فلازمتنا أزمة سير في الشوارع الرئيسية والفرعية التي لا تكاد تخلو من حفرة.. فسألني أحدهم أني أرى سيارات قد ركنت على جوانب الطريق أين أصحابها؟ ومن المسؤول عن هذه الفوضى؟! ومنذ متى أصبحت شوارعكم معرض سيارات للبيع وأخرى موقف للسيارات المعطلة؟! أين الانتماء وحب العطاء وتفضيل المصلحة الشفاعمرية على المصلحة الشخصية؟ قد حسبت أن جل أيامكم أعياد لزحمة السير! فتوقفت عند هذه الكلمات ودار في خاطري عدة تساؤلات.. فاضطررت للجلوس ساعات وساعات أفكر بتلك الكلمات التي لم تفارق مسامعي.. أين الانتماء وحب والعطاء لمدينة لا تقل أهمية عن كبرى المدن وأعرقها.. مدينة تحتضن جمال الشرق وعبق التاريخ.. مدينة تشتمل على اَثار ثمينة وأخرى فريدة لا تقدر بثمن.. لمَ الإهمال والهجران؟! أليست هذه مدينتكم.. أليست لها فضل عليكم؟؟؟