[x] اغلاق
قراءة في الضربة الثلاثية لسوريا والتنسيق الأمريكي مع روسيا
19/4/2018 7:07

قراءة في الضربة الثلاثية  لسوريا

والتنسيق الأمريكي مع روسيا

الإعلامي أحمد حازم

كثيرون هم الذين يتمتعون بقصر نظر سياسي فيما يتعلق بالدور الروسي في سوريا، والذين يعتقدون  بأن موسكو  وفية مخلصة للشعب السوري ولن تتركه وحيداً في مواجهة الغرب  سياسيا وعسكرياً. لكن الأحداث التي تعيشها سوريا تبرهن عكس ذلك عملياً. من الناحية النظرية شبع المواطن السوري حتى التخمة من عبارات مثل: " روسيا لن تقف مكتوفة الأيدي"  أو" روسيا تدرس خيار الرد على الضربة الأمريكية". كل هذا الكلام هو مجرد شك بلا رصيد.

في السابع من نيسان العام الماضي قامت واشنطن بنوجيه ضربة صاروخية على مطار الشعيرات السوري باستخدام 59 صاروخ كروز من طراز توماهوك، ردا على هجوم كيميائي بغاز السارين قام به جيش النظام السوري على منطقة خان شيخون في الرابع من أبريل/ نيسان 2017.

فماذا كان الرد الروسي: نائب المندوب الروسي قال في جلسة مجلس الأمن مساء السابع من أبريل العام الماضي أن هجوم واشنطن بالصواريخ على سوريا هو "انتهاك صارخ للقانون الدولي وعمل عدواني". وأضاف أن "روسيا "نستنكر بقوة تصرفات الولايات المتحدة غير المشروعة، ويمكن أن تكون عواقب هذا بالنسبة للاستقرار الإقليمي والدولي بالغة الخطورة." فعن أي عواقب تتحدث روسيا، خصوصاً انه لم يحدث أي شيء ملفت للنظر في سوريا باستثناء تدمير الطيران الروسي  لمناطق سورية وقتل وتهجير سكانها.

حتى الإجتماع العاجل لمجلس الأمن الروسي برئاسة بوتين، لم ينتج عنه أي شيء سوى كلمات خجولة متواضعة حيث تم " التعبير عن القلق العميق من الأثر السلبي المحتوم لمثل هذه الأفعال العدوانية على الجهود المشتركة لمكافحة الإرهاب". وهذا يعني أن الروس عبروا عن امتعاضهم  لما ستؤول إليه هذه الضربة على الجهود الروسية الأمريكية في مكافحة الإرهاب، وليس عن القلق على الشعب السوري.  

التاريخ يعيد نفسه في شهر أبريل/نيسان أيضا هذا العام. الغارة الثلاثية الأمريكية الفرنسية البريطانية وقعت في الرابع عشر من الشهر الحالي على أهداف في سوريا. قبل ذلك بأربعة أيام وبالتحديد في العاشر من هذا الشهر صرح السفير الروسي في بيروت ألكسندر زاسبكي إن " أي صاروخ أمريكي يطلق على سوريا سوف يُسقط، وسوف تُستهدف مواقع إطلاقه". ما شاء الله عليه جريء جداً. لكنه قال في الوقت نفسه وهذا أمر في غاية الأهمية:" أن أي اشتباك سوف يُستبعد حدوثه، ولذلك فنحن مستعدون لإجراء مفاوضات"،بمعنى أن روسيا غير مستعدة أبداً لأي اصطدام مع الولايات المتحدة، وكل شيء يتم بالتنسيق بين الجانبين.

 

الرئيس الأمريكي ترامب  سخر من تصريحات السفير الروسي ورد عليه في تغريدة  قال فيها: "اقسمت روسيا ان تسقط كل صاروخ يطلق تجاه سوريا، استعدي يا روسيا فالصواريخ قادمة.. لطيفة وجديدة وذكية". كلام ترامب لم يأت من فراغ، فهو يعرف تماماً المساحة التي يستطيع أن يدور في فلكها بالنسبة لروسيا وذلك حسب قواعد اللعب السياسي بين الجانبين.

بريطانيا  الشريك في الضربة على سوريا لم تر في الضربة نوعاً من العقاب بل ضربة تأديبية ليس أكثر، أي ليس ضربة موجعة من ثلاثي غربي قوي ضد رئيس استخدم الكيماوي لقتل شعبه. هذا الأمر أكدته رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، التي صرحت "بأن الغاية من الضربة هذه معنوية وتحذيرية، أكثر منها عقابية على استخدام النظام الأسدي للسلاح الكيمياوي ضد شعبه”، خلال الهجوم على مطار الشعيرات العام الماضي استخدمت واشنطن 59 صاروخاً، بينما تم استخدام 110 صواريخ  في الهجوم الثلاثي السيت الماضي على مواقع  في حمص، ودمشق، وريفها. فكيف يمكن فهم هذه المعادلة؟.

محللون سياسيون يرون أن روسيا كانت تعرف بالضربة الثلاثية.  وإلا كيف نفهم تصريحات النظام السوري بأن الصواريخ الأمريكية الذكية طالت الجدران فقط في القواعد العسكرية والمنشآت الكيمياوية التي استهدفتها. أحد المحللين قال: إن "روسيا كانت شاهدة على خطوات صنع القرار الغربي، والخلافات التي نشأت بشأنه وطبيعة الأهداف، والمدة الزمنية التي ستستغرقها الضربة، ونوعية الأسلحة والصواريخ المستخدمة فيها. كما أن ديناميكية التنسيق الغربي مع روسيا في لحظات التماس المباشر نابعة من فهم الجانبين لما ما يجري في سوريا "

ولذلك يمكن القول أن صراع الكبار على الأرض السورية هو صراع مبرمج ومنسق،  يغض فيه طرف النظر عن الآخر حسب ما تقتضيه الظروف السساسية.