[x] اغلاق
عندما يكون العربي بدون مبدأ...حقائق من التاريخ
18/4/2019 7:25

عندما يكون العربي بدون مبدأ...حقائق من التاريخ

الإعلامي أحمد حازم

منذ منتصف الخمسينات من القرن الماضي شهد العالم العربي حوالي عشر محاولات للوحدة بين بعض الدول العربية مثل العراق،الأردن، سوريا، ليبيا وتونس، ولكن هذه المحاولات باءت كلها بالفشل. فالوحدة بين مصر وسوريا التي تمت في عهد عبد الناصر في 22 فبراير/ شباط عام 1958 وانتهت بانقلاب عسكري في 28 سبتمبر/أيلول كانت بداية أمل الشعوب العربية في توسيع نطاق الوحدة لتشمل دولاً أكثر. وقيل وقتها ان أخطاءً عديدة ارتكبها عبد الناصر الذي اختاره مواطنو البلدين  ليكون رئيساً للدولتين السورية والمصرية، اللتين حملتا اسم الجمهورية العربية المتحدة. والمفارقة أن عبد الناصر توفي في نفس تاريخ انفصال سوريا عن مصر أي في الثامن والعشرين من أيلول/ سبتمبر عام 1970

ومنذ تلك الفترة لم تنجح كل محاولات الدمج بين  بلدين عربيين. حتى أن معمر القذافي الذي خكم ليبيا بانقلاب عسكري ضد الملك محمد السنوسي وأطلق على الإنقلاب "ثورة الفاتح من سبتمبر" لأن الإنقلاب وقع قي أول شهر أيلول/سبتمير عام 1969 حاول مرات عديدة  توحيد ليبيا مع بعض الدول العربية لكنه فشل.

حكاية الوحدة بين ليبيا وتونس والتي كانت طبعاً من "عبقريات" القذافي، وتعيين موعد لإعلانها بحضور الرئيس التونسي في تلك الفترة الحبيب بورقيبة، هي حكاية تثيت المثل الشعبي "شر البلية ما يضحك؟. يقول الصديق محمد جبر في كتابه (مأساة شعب) "أن القذافي طرق جميع الأبواب التقدمية العربية لإقامة وحدة  أو اتحاد ولم يتجاوب معه أحد، لأن كل حاكم كان يعطي لنفسه الحق قي قيادة الأمة العربية".

القذافي لم يستسلم للواقع واستمر في محاولاته، لكن هذه المرة مع الرئيس التونسي الأسبق الحبيب بورقيبة. جرت اتصالات عديدة بين الرئيسين وتم تعيين يوم محدد لإعلان الوحدة خلال مهرجان جماهيري حاشد يتكلم فيه القذافي وبورقيبة،  وصل القذافي وجلس في مقدمة الجماهير لكن بورقيبة لم يحضر. صعد عريف المهرجان إلى منصة الخطابة واعتذر عن بورقيبة مبرراً عدم حضوره بوعكة صحية ألمت به. صعد القذافي إلى المنبر وبدأ بإلقاء خطابه وأخذ يعدد مزايا الوحدة العربية وأن العرب أمة واحدة وألهب مشاعر الحاضرين، ولم يهدأ التصفيق، عندما أعلن أنه اتفق مع بورقيبة على إقامة الوحدة بين تونس وليبيا. وبينما كان القذافي مستمراًً في خطابه الناري، ظهر بورقيبة فجأة وكأن الله سبحانه وتعالى شفاه بسرعة ليشارك القذافي فرحته وجلس حتى أكمل القذافي كلمته.

وهنا كانت المفاجأة. اعتلى بورقيبة المنصة، وقال:" اني أثق بإبني معمر القذافي، وأحترم رأيه وتطلعاته، لكن إسمحوا لي أن أوضح شيئاً بخصوص العرب والوحدة العربية، فلو رجعنا سبعة آلاف سنة إلى الوراء  لوجدنا الفراعنة الذين حكموا مصر ليسوا عربا ولا ينتمون للعروبة. ولو قرأنا تاريخ تونس لوجدنا ان قائدها هنيبعل لم يكن عربيا، ولو نظرنا إلى فلعة "بيبلوس" في جبيل اللبنانية لوجدنا ان الفينيقيين ليسوا عربا، لذلك لن يتم بيني وبين ابني القذافي إقامة وحدة لا اندماجية ولا إقتصادية.

 والغريب في الأمر، أن الجماهير التي صفقت للقذافي بحرارة  للوحدة هي نفسها التي صفقت للحبيب بورقيبة بحرارة أكثر لرفض الوحدة. عرب متقلبون بدون مبدأ