[x] اغلاق
العالم بكى احتراق كاتدرائية نوتردام فمن يبكي تدمير تراثنا
24/4/2019 7:14

العالم  بكى احتراق كاتدرائية نوتردام

فمن يبكي  تدمير تراثنا

الإعلامي أحمد حازم

كنت  ولا أزال أحب المطالعة كثيراً ومن المدمنين على قراءة الكتب عربية كانت أم أجنبية. ولا أزال أهتم بقراءة كل شيء يتعلق بالتاريح الفلسطيني  بشكل عام وأدباء فلسطين بشكل خاص. لكني أعترف بأني في أيام الشباب كنت مولعاً بقراءة الروايات، ولا سيما روايات للكاتب الفرنسي فكتور هوغو . وقرأت  أيضا  في تاك الحقبة الزمنية بعض  الروايات التي كان بطلها جبمس بوند

وبما أني من محبي قراة روايات فكتور هوغو حيث قرأت روايتي (البؤساء)  و(أحدب نونردام) وشاهدت أيضاً الفيلمين عن الروايتين، تذكرت كل هذا وأنا أرى كيف كانت النار تشتعل في كاتدرائية نوتردام التي تعتبر من أهم الأماكن اتي تتميز بها العاصمة الفرنسية باريس. تذكرت زيارتي لهذه الكاتدرائية التاريخية التي بنيت في القرن الثاني عشر، والتي يزورها ملايين السياح سنوياً، ومن المستحيل أن لا يقوم أي سائح لباريس بزيارة هذه الكاتدرائية. وتذكرت فيلم (أحدب نوتردام) الذي لم يكن يحتوي على مشهد للنيران، لكن هذا المشهد وقع مؤخراً بصورة حقيقية وليست سينمائية.

الفرنسيون تأثروا كثيراً من احتراق هذا المعلم التاريخي. والعالم كله غضب لاحتراق الكاتدرائية لأنها تراث عالمي. وخلال يومين تم جمع تبرعات بقيمة مليار يورو لإعادة الكاتدرائية كما كانت.  والعالم اليوم أمام حقيقة أن كاتدرائية نوتردام قد احترقت ولم يعرف السبب بعد عما إذا كان هناك أشخاص  قاموا بفعلتهم هذه أم أن الحدث كان خطأ بشرياً.

إذا كان العالم لا يعرف كيف اشتعلت النيران في كاتدرائية نوتردتم، لكنه يعرف من يقف وراء حرق قبة الصخرة في المسجد الأفصى عام 1969. وماذا فعل العالم عندما أقدمت إسرائيل على تدمير أكثر من 132 معلمًا أثريًا من بينها مسجد ومدرسة تاريخية، تم تدميرها بشكل كامل في حي المغاربة بالقدس عام 1967.

في هذا الصدد لا بد من تذكير العالم بوجود "يوم التراث العالمي" في الثامن عشر من أبريل/نيسان  من  كل عام، وهو اليوم الذي تم إقراره من قبل منظمة اليونسكو العالمية من أجل حماية التراث الإنساني في كافة دول العالم وتم إقراره رسميا بداية عام 1983 بناءً على اتفاقية وقعتها دول ومن بينها إسرائيل مع منظمة اليونسكو، هذه الإتفاقية تلزم الدول بالحفاظ على المواقع التراثية والأثرية، فأين "اليونيسكو" والعلم  مما فعلته إسرائيل بالآثار الفلسطينية؟

العالم يعرف أيضاً من الذي تسبب بتفجير"مرقد الأربعين" في العراق والذي  كان يضم رفات 40 جنديا من جيش الخليفة عمر بن الخطاب خلال الفتح الإسلامي لبلاد ما بين النهرين عام 638. والعالم يعرف من  كان السبب في تهب الآثار العراقية في  متحف بغداد، لماذا لم يتذمر العالم مثل تذمره لما تعرضت له الكاتدرائية، عندما انقض  الهمجيون  على متحف بغداد  وبدأوا بتدمير ما استطاعوا تدميره ونهب بعض محتوياته، نهب حضارة يشهد العالم أنها من أولى الحضارات التي تعتز بها البشرية. لكن ماذا فعل هذا العالم أمام رؤيته لمشاهد التدمير والنهب  أمام الكاميرات، ولم تكن ردات فعله  توازي ردة فعله على ما جرى في الكاتدرائية.

وماذا عن المعالم الأثرية التي تم تدميرها في سوريا، على سبيل المثال متحف دير الزور، الذي لم يعد بالإمكان معرفة مصير آلاف القطع الأثرية  فيه التي تعود إلى العصور الحجرية الأولى، إضافة إلى ممالك العصور البرونزية التي تتربع على عرشها مملكة “ماري- تل الحريري” القريبة من مدينة البوكمال التي عُثِر في قصرها الملكي على أكثر من 20 ألف لوح طيني مخطوط بالكتابة المسمارية، إضافة إلى ممالك “ترقا- العشارة” و”دور كاتليمو- تل الشيخ حمد” وآثار “بقرص”، مروراً بالعصور الهلنستية اليونانية والرومانية.

يقول كاتب عربي: " في منطقتنا وخصوصا في العراق وسوريا كانت بداية التاريخ الإنساني، وكلما ذكرت حضارة بلاد الرافدين، يشار إلى أن الإنسان وضع بصمة وجوده الأولى هناك". لقد تألم العالم وبكى على مشهد اشتعال النيران في كاتدرائية نوتردام الباريسية، ولكن من يحزن ويبكي على مشاهد تدمير ونهب آثارنا ؟ سؤال مشروع موجه للعالم وبحاجة إلى جواب.