[x] اغلاق
شفاعمرو وصرخة تبحث عن صدَى
18/7/2019 7:30

شفاعمرو و"صرخة" تبحث عن صدَى

بقلم: زايد خنيفس

كان الموعد يوم الثلاثاء عند الساعة السادسة مساءَ، في باحة بلدية شفاعمرو، لانطلاق مسيرة "صرخة بلد"، احتجاجًا على الجرائم الأخيرة التي حدثت في المدينة، والصرخة كانت بمبادرة من المجلس البلدي، وهي خطوة مباركة، وإن كان لنا ملاحظة على تأخيرها، منذ حدوث آخر جريمة، التي راح ضحيتها المرحوم رائد أبو رغيس، وما زال ابن شفاعمرو ماهر نصير يتماثل للشفاء.

هناك من قام عند تجمع المشاركين، بإحصاء الحضور، مستعجلاً ليضع عنوان فشل المسيرة، لاعتقاده أن النجاح يُقاس بعدد الحضور، متناسيًا تركيبة شفاعمرو المعروفة، حتّى لا يصل باب بيته لهيب العنف، فإن شيئًا لا يحركه، في مشهد اللامبالاة القاتل، والمسيرة في جوهرها هي رسالة تسقط على عتبات الإحصائيات، التي يتباهى بها البعض.

ما ميّز المسيرة هو صدارة حضور رجال الدين ورئيس وأعضاء المجلس البلدي، وقيادة لجنة المتابعة، وممثلون عن أهالي الضحايا، الذي كان الحزن مرتسمًا على ملامحهم، باحثين بين الجموع عن أجوبة... عن مصير مسارات التحقيق، التي إلى الآن لم يتم الكشف عن مقترفيها في الحالات الأربعة.

المجتمع العربي في هذه الديار يمز بأخطر مرحلة تستهدف وجوده، فبعد تصفية ما تبقّى من الأرض، تجري الآن محاولة تصفية وجود الإنسان العربي في هذه البلاد، لمنعه من ترتيب أوراقه، من أجل حقه بحياة كريمة وبكرامة، وتعطيل محرّك البحث عن مستقبل أبنائه.

شرطة الشمال كشفَت هذا الأسبوع إحصائيات عن ضبط أسلحة بكل أنواعها في المجتمع العربي، وإذا أحصينا كمية البنادق والمسدسات وعبوات ناسفة، لوجدناها تكفي لتسليح جيش كامل.

محاربة العنف بأشكاله لا تتوقّف عند نصب كاميرات مراقبة في الشوارع، والقضية برمّتها مركبة، فنحن على عتبة انهيار الدور الحقيقي للعائلة، وانصراف أولادنا إلى غياهب الموت، بغية حصول هؤلاء على المال بأسهل الطرُق، حتّى بثمَن خطف أرواح البشر، متطاولين على القدرة الإلهيّة، وتحوّل القتل إلى مهنة.

بالنسبة لي صرخة شفاعمرو وصرخة بلد، يستطيعان التعبير عنهما طفلاً واحدًا بملابسه المدرسيّة، وقف حاملاً بيده يافطة كُتِبَ عليها "غسّان، ميرفت، ياسر، حسام، رائد، رحمهم الله... لن نسكت بعد اليوم"، والمشهد وإن غابت حقيقته عن الغالبية الشفاعمرية، لا يدخُل في الإحصائيات والأرقام، والذي يريد بلدًا سالمًا يحلم بالشمس، يتوجب عليه أن يضغط بإصبعه على الجُرح من الآن وقبل فوات الأوان، لأن العنوان واضحًا، يحتاج لورقة عمل، عدا ذلك سندفن الضحية القادمة.