[x] اغلاق
الفلسطينيون في لبنان والتعامل اللاإنساني للنظام
18/7/2019 7:31

الفلسطينيون في لبنان والتعامل اللاإنساني للنظام

الإعلامي أحمد حازم

عندما تم الإعلان رسمياً عن صفقة القرن وورشة البحرين التي انعقدت في العاصمة المنامة في الخامس والعشرين والسادس والعشرين من الشهر الماضي بتخطيط وترتيب أمريكي إسرائيلي، سارع بعض كبار المسؤولين في لبنان إلى رفض مضمون الصفقة كلياً بما فيها الإغراءات المالية التي وفرتها واشنطن للحكومة اللبنانية مقابل توطين الفلسطينيين. رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري قالها صراحة "إن الخطة الأمريكية التي تقضي بضخ استثمارات بالمليارات في بلاده مقابل توطين اللاجئين الفلسطينيين لن تغري لبنان".

 بري لم يتوقف أصدر بياناً أدان فيه مؤتمر البحرين ورفض كل اقتراح يستهدف توطين الفلسطينيين في لبنان. وقد جاء في البيان: "يخطئ الظن من يعتقد أن التلويح بمليارات الدولارات يمكن له أن يغري لبنان الذي يئن تحت وطأة أزمة اقتصادية خانقة على الخضوع أو المقايضة على ثوابت غير قابلة للتصرف، وفي مقدمتها رفض التوطين، وأن الاستثمار الوحيد الذي لن يجد له في لبنان أرضا خصبة هو أي استثمار على حساب قضية فلسطين وحقوق الشعب الفلسطيني بالعودة إلى أرضه وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف".

وقد سيق لوزير الخارجية اللبناني جبران باسيل، أن أعرب عن غضبه من الإدارة الأمريكية "لأنها لم تقم بتنسيق مسيق مع لبنان فيما يتعلق بالفلسطينيين المقيمين على أراضيه". والمقصود هنا بحث الخطة الأمريكية مع المسؤولين اللبنانيين قبل الإعلان عنها في مؤتمر البحرين. وقد سبق وأن أعلنت الأحزاب اللبنانية عن تمسكها منذ فترة طويلة برفض التوطين للاجئين الفلسطينيين في لبنان.

لا شك أن كلام رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري جيد المضمون، ويلقى ترحيباً في الأوساط اللبنانية والفلسطينية. ولكن هل فعلاً أن الحكومة اللبنانية حريصة على مصلحة الفلسطينيين وحريصة على عودتهم إلى وطنهم، ومن هذا المنطلق يأتي رفض التوطين؟ لا ... لا  هذا غير صحيح. إن تصريحات بري وكل قيادات الطوائف اللبنانية التي ترفض توطين الفلسطينيين في لبنان هي مجرد تصريحات بغلاف وطني. لكن الحقيقة هي عكس ذلك.  اسمعوا الحكاية:

الكل يعرف أن تركيبة لبنان الإجتماعية هي تركيبة طائفية بامتياز( مسيحي، مسلم سني ومسلم شيعي، درزي وعلوي) علماً بأن العلويين الموجودين في لبنان هم سوريون قدموا إليه في ستينيات القرن الماضي، وتمكنوا مع مرور الزمن من إيجاد مكانة سياسية لهم حتى أصبحوا جزءاً من التركيبة اللبنانية وذلك بمساعدة الطائفة الشيعية. الفلسطينيون المسيحيون تم تجنيسهم في عهد الرئيسين اللبنانيين كميل شمعون وشارل حلو، وانخرط معظمهم في الأحزاب والميليشيات المسيحية اللبنانية، فلماذا لم يتم رفض توطينهم مثل بقية الفلسطينيين المسلمين، حيث تدعي الحكومة اللبنانية أن الفلسطينيين لهم وطن اسمه فلسطين ومن حقهم العودة إليه؟. إذا كان الأمر كذلك فلماذا تم تجنيس العلويين وهم أيضاً لهم دولة اسمها سوريا وباستطاعتهم العودة إليها متى شاؤوا؟ إذاً قضية رفض النوطين ليست وطنية أبداً إنما طائفية بامتياز. من جهة ثانية، من قال أن الفلسطيني الذي يحمل جنسية ثانية ينسى وطنه؟ هذا كلام غير صحيح ومجرد كلام للإستهلك من جانب السلطات اللبنانية، لأن رفض التوطين للفلسطينيين ناجم فقط عن تخوف (مسيحي شيعي درزي) من الإخلال بالتوازن الديمغرافي  على اعتبار أن الفلسطينيين المسلمين في لبنان ينتمون للطائفة السنية، ولذلك فإن القيادات الشيعية والدرزية لا ترغب في تجنيسهم وغير مهتمة بهم إطلاقا، ولذلك يختبئون وراء "حق العودة".

وقد يتساءل البعض عن سبب عدم مساعدة القيادات السنية اللبنانية للفلسطينيين. والجواب واضح: لو تم تجنيس الفلسطينيين السنّة في لبنان فإنهم سينافسون سنّة لبنان في المجالات السياسية والإقتصادية كونهم على مستوى عال من الإبداع السياسي والإقتصادي والثقافي، وهذا ما لا تريده القيادات السنيًة في لبنان.

ولو كانت السلطات اللبنانية حريصة على وضع الفلسطينيين في لبنان لكانت وفرت لهم أدنى متطلبات الحقوق الإنسانية للعيش بكرامة، وليس سد جميع أبواب الرزق أمامهم. فهل "حق العودة" الذي تتشدق به الحكومة اللبنانية يتطلب هذا الإجراء التعسفي ضد الفلسطينيين؟

يقول الدكتور مصطفى اللداوي في مقال له عن معاناة الفلسطينيين في لبنان: "ما يجده الفلسطينيون في لبنان يتناقض مع كل الشعارات، ويتعارض مع كل القيم، ولا يوجد لسوء معاملته أي  تبريرٌ أو تفسيرٌ، ولعل معاناتهم تفوق الوصف والخيال، ولا يوجد لما تقوم به الحكومة اللبنانية تجاه اللاجئين الفلسطينيين في لبنان أي مبرر قيمي ولا أخلاقي ولا قومي ولا إنساني ولا ديني".