[x] اغلاق
ماذا بقي بعد في جعبة الرئيس الفلسطيني؟
14/8/2019 7:54

ماذا بقي بعد في جعبة الرئيس الفلسطيني؟

بقلم الإعلامي أحمد حازم

الرئيس الفلسطيني محمود عباس لا يكل من إطلاق تصريحات جدلية في معظم خطاباته أو حتى في لقاءاته الصحفية، فتارة يصف المقاومة بالعبثية وتارة يقدس التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي وتارة يهاجم حركة حماس. وقد تجاوز عباس كل حدود الأدب واللياقة الدبلوماسية في هجومه على حركة حماس خلال  كلمته التي ألقاها يوم السبت الماضي.في مخيم الجلزون حيث قال: "ان قيادات حماس تعمل من اجل العدو وليس من اجل فلسطين". عباس استغل الفرصة ليهاجم صفقة القرن بقوله:" قلنا لهم ولكل العالم لا لصفقة العار، وقلنا لهم لا للقاءات وارسو ولا للقاءات المنامة، ولا لأي شيء لا يقبله الشعب الفلسطيني."

غريب أمر محمود عباس لما في مواقفه من تناقضات واضحة، قد لا يشعر بها هو شخصياً لاقتناعه بصحتها لكنها بطبيعة الحال تناقضات في موقفه السياسي. فهو يتهم قيادة حركة حماس بأنها تعمل لصالح إسرائيل، لكنه لم يذكر لنا كيف؟. من يتعامل مع إسرائيل تفضحه ممارساته، وتصرقات عباس السياسية تجاه حركة حماس في غزة تدل بصورة واضحة أنه هو الذي يعمل من أجل إسرائيل. والبرهان في متناول اليد: المعروف أن حركة حماس هي حركة مقاومة ضد الإحتلال الإسرائيلي. وتوجد عبارة مشهورة لعباس قالها لرجال المخابرات الفلسطينية: "إذا حدا منكو بشوف أي واحد حامل صاروخ يجب أن يقتله يطخه، منيح هيك ». إذاً، من الذي يعمل من أجل اسرئيل، أليس عباس نفسه ؟

يقول عباس في مكان آخر من كلمته في مخيم الجلزون، أنه ضد صفقة القرن التي وصفها "بصفقة العار" وضد كافة االصفقات التي يرفضها الشعب الفلسطيني. في الحقيقة أن كلام أبو مازن غير صحيح لأنه صاحب تاريخ طويل من المشاركة في المحادثات وفي صياغة الاتفاقيات (الصفقات) المخزية. ففي عام 1989 بدأ المحادثات السرية مع الإسرائيليين من خلال وسطاء هولنديين، ونسّق المفاوضات أثناء مؤتمر مدريد، وهو مهندس المفاوضات التي أدت إلى اتفاقات أوسلو، كما قاد المفاوضات التي جرت في القاهرة وأصبحت تعرف باسم اتفاق غزة- أريحا، علماً بأن كل هذه الاتفاقات لم يوافق عليها الشعب الفلسطيني.

وبعد كل ذلك ألا يخجل عباس من نفسه أن يجاهر بالكذب؟ لكن من شب على شيء شاب عليه. ففي سبعينات القرن الماضي، اعترف عباس بأنه أول من طالب في ذلك الوقت لقاء الإسرائيليين، ولاقى اعترافه آنذاك انتقاداً شديد اللهجة من قيادات حركة فتح في تلك الفترة. وحسب تحليلات بعض المعلقين العرب، فإن فترة محمود عباس الرئاسية تتميز بثلاثة أمور في غاية الأهمية:

1، ازدياد حدة التنسيق الأمني ومطاردة المقاومين للإحتلال الإسرائيلي

2ـ  تآكل منظمة التحرير الفلسطينية في عهده وحصول الإنقسام الفلسطيني

3ـ إضعاف الجبهة الفلسطينية الداخلية (على سبيل المثال رضوخه لضغوط نتنياهو بعدم المضي قدما في مشروع المصالحة مع حكومة حماس).

يقول المحلل السياسي سفيان بنحسن في مقال له نشر في التاسع عشر من شهر أكتوبر/تشرين أول عام 2015 "ان أكثر ما حققه عباس هو أشياء وهمية لا تجدي نفعاً عملياً بل معنوياً إلى حد ما، أسماها عباس (انتصارات؟) مثل رفع العلم الفلسطيني في نيويورك والحصول على قرارات غير ملزمة للجمعية العامة للأمم المتحدة، لكنه لم ينجح في وأد الرغبة الفلسطينية المتوارثة في الإنعتاق من جور الإحتلال والانتفاض في وجه الظلم ".

محمود عباس يحاول بين الحين والآخر جذب الرأي العام نحوه من خلال تصريح هنا وتصريح هناك، فقد أعلن في السادس والعشرين من الشهر الماضي، أنه أوقف كافة الإتفاقات مع إسرائيل ولكن دون التطرق إلى تفاصيل القرار وآلية تنفيذه، الأمر الذي اعتبره بعض المحللين أنه مجرد استعراض سياسي.

حتى أن الإعلامي عبد الناصر النجار نقيب الصحفيين الفلسطينيين الذي يعتبر أحد أقرب المقربين من عباس، تساءل في مقال له في صحيفة (الأيام) الفلسطينية عن هذه الإتفاقات وهل هي اقتصادية أم سياسية أم أمنية أم ماذا؟ ولماذا لم يشمل القرار الخروج من اتفاق أوسلو بشكل كامل والانفصال نهائياً عن دولة الاحتلال، وإعلان حدود الدولة الفلسطينية المقبولة دولياً بصرف النظر عن الموقف الأميركي؟". أسئلة مشروعة بحاجة إلى جواب، لم تصدر عن معارض لسياسة عباس بل من نقيب للصحفيين الفلسطينيين وصل لمنصب النقيب بدعم من عباس نفسه. فماذا بقي بعد في جعبة الرئيس الفلسطيني؟