[x] اغلاق
لا تصدقوهم... يتوددون لكم لأنهم بحاجة لأصواتكم
29/8/2019 9:17

لا تصدقوهم... يتوددون لكم لأنهم بحاجة لأصواتكم

بقلم الإعلامي أحمد حازم

المجتمع العربي منقسم على نفسه بين مؤيد للمشاركة في الإنتخابات البرلمانية (الكنيست) وبين معارض لها. حتى المؤيدين للمشاركة مختلفون في الرأي: فمنهم من يريد دعم "القائمة المشتركة" وأحزاب عربية أخرى، ومنهم من يريد دعم الأحزاب الصهيونية، بحجة أنها تخدم العرب (؟!).  .

 الفئة المقاطعة للإنتخابات أحترم موقفها، فلديها من الأسباب ما يكفي لابتعادها عن صناديق الإقتراع. لكن المشكلة في الفئة التي تدعم الأحزاب الصهيونية فليس لديها أي مبرر أبداً. فادعاء هذه الفئة بأن المجتمع العربي يستفيد من الأحزاب الصهيونية أمر عار عن الصحة. يا ريت يقدموا لنا مثالاً واحداً لحزب صهيوني شارك في حكومات إسرائيلية قام بتحقيق مطالب لتحسين أوضاع المجتمع العربي على جميع الأصعدة.

سمعت حواراً بين مذيع عربي استضاف شخصاً قال انه محلل سياسي، وكان الحديث يدور حول "شارب" عمير بيرتس. وكم استغربت وبالأحرى كم "قرفت" من تكرار المذيع لإعجابه بـ" حلقة الشارب" معتبراً إياها حالة ضد اليمين وخصوصاً ضد نتنياهو. وكم تمنيت في تلك اللحظة لو كنت أطرشاً كي لا أسمع هذه السخافات. يستنتج من قول المذيع، إنه معجب بما قام به بيرتس، لأنه كان يردد بكثرة موضوع حلق الشارب ودوره في الإنتخابات المقبلة.

كان المفروض بعمير بيرتس، وهو يهودي من أصل مغربي، أن يقول إنه سيحلق شاربه إن أخل بوعده، بمعنى إذا دخل في ائتلاف مع نتنياهو أو شارك في حكومة يرأسها نتنياهو، لكنه اختار تبرير ما قام به بأمر آخر. فقد ذكر أنه حلق شاربه المتدلي على شفتيه كي يتمكن الإسرائيليون من رؤية شفتيه ويقرأوا ما يقوله، علماً بأنه كثيراً ما صرح بأنه فخور بشاربيه. لكن من المعروف، أن الرجل عندما يتعهد بعمل شيء يمسك شاربه للتأكيد على مصداقية ما وعد به، لكن بيرتس بدون شارب، فماذا يمسك إذاً لتصديقه؟؟ سؤال مطروح على الساذجين الذين يصدقونه.

عمير بيرتس تولى عدة وزارات في حكومات سابقة وكثيراً ما كانت تصرفاته كوزير موضع سخرية لدى الصحفيين ومواقع التواصل الاجتماعي. فماذا يهم المواطنون العرب في البلاد إن كان بيرتس يشاربين أو بدون شوارب؟ ما قام به هو مجرد عمل هزلي سخيف أراد منه لفت انتباه جمهور الناخبين في محاولة لزيادة أصوات مؤيدي حزبه "حزب العمل" خصوصاً في المجتمع العربي. فلقد ظنّ بيرتس أن عملية حلق شاربه سترفع من شعبيته، لكن النتيجة كانت عكسية، إذ هبطت شعبية حزبه حسب استطلاعات الرأي، وقد لا يقترب  من نسبة الحسم، كما تقول المعلومات.

المؤسف، أن بعض المواطنين في مجتمعنا العربي، يعيرون اهتماما لما قام به بيرتس، ويعتبرون فعلته تصرفاً إيجابياً، فتارة يتحدثون بإعجاب عن ذلك وتارة أخرى ينقلون في نقاشاتهم الإنتخابية صورة فيها من المبالغة (الإيجابية) ما يثير الدهشة والإستغراب. ألهذه الدرجة استطاع بيرتس إقناع بعض العرب بأن "شاربه الغالي" حلقه لمصلحتهم أيضاً؟ ومتى كان حزب العمل مدافعاً عن العرب وقضاياهم؟ أليس حزب العمل بالنهاية حزب صهيوني حريص كل الحرص على مباديء الصهيونية وتعاليمها؟

رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق إيهودا باراك، الذي أعلن عن تأسيس حزب جديد يخوض به انتخابات الكنيست، يريد وبكل وقاحة من المواطنين في المجتمع العربي أن يصوتوا له. لكن قبل ذلك أعلن عن تحالفه مح الحزب الصهيوني  "مبرتس" المصنف يسارياً، ولا أدري ما به من الأفكار اليسارية، ورضي بالمقعد العاشر في القائمة التي شكلها مع ميرتس أي بعد المرشح العربي عيساوي فريج. وللتغطية على ما ارتكبه براك من جرائم بحق شعبنا وخصوصاً في فترة هبة الأقصى في أكتوبر/تشرين الأول عام 2000 حيث قتلت الشرطة الإسرائيلية في عهده أيام كان رئيس حكومة 13 فلسطينياً من الجليل، قدم براك اعتذاراً لشعبنا في الداخل الفلسطيني.

 باراك أراد تحقيق أمرين من وراء الإعتذار في هذه الفترة، وإلا لماذا لم يعتذر في السابق؟ الأمر الأول: حاجته للصوت العربي وثانياً اعتقاده بأن شعبنا سيسامحه إذا اعتذر. قد يكون هناك بعض الساذجين الذين سيعطون أصواتهم لباراك، لكن لن يوجد فلسطيني واحد يسامح باراك على عمليات القتل التي قام بها هو شخصياً ضد قادة فلسطينيين في الشتات، كما أن شعبنا  لا يمكن أن يسامح من تسبب في سقوط 13 شهيداً من الجليل على أيدي الشرطة الإسرائيلية خلال هبة أكتوبر.

التصويت للأحزاب الصهيونية يعتبر من الناحيتين الأخلاقية والسياسية أمراً غير مقبول، فما بالك إذا كان المرشح صهيوني قاتل مثل باراك وأمثاله. صحيح أنا مع حرية التعبير عن الرأي، لكن الناخب العربي الذي يصوت للأحزاب الصهيونية وبالتحديد لأحزاب اليمين مثل نتنياهو وليبرمان وغيرهما لا يمكن أن يجري في عروقه الدم العربي وهو يعي حقيقة ما نتعرض له من مصائب وأعمال عنصرية من طرف هذه الأحزاب.

  وأنا أتساءل ومن حقي ذلك: هل يوجد مواطنون يهود تعدادهم بالآلاف يصوتون لأحزاب عربية كما بوجد لدينا نحن العرب؟ بالطبع لا يوجد. إذاً لماذا هذا التملق والنفاق؟