[x] اغلاق
أوجه الشبه بين انعنصرية اللبنانية والإسرائيلية إزاء الفلسطيني
5/9/2019 11:57

أوجه الشبه بين انعنصرية اللبنانية والإسرائيلية إزاء الفلسطيني

الإعلامي أحمد حازم

نحن الفلسطينيون نعيش في ظل نظام إسرائيلي أقل ما يقال فيه أنه نظام عنصري، لا ينظر إلى العربي من زاوية المساواة في المواطنة أي المساواة في الحقوق الممنوحة لليهودي، بل ينظر إليه من زاوية أمنية. والعنصرية ليست فقط التفرقة والتمييز بسبب اللون كما كان الوضع في جنوب أفريقيا وفي أمريكا الشمالية، إنما في أمور أخرى في الحياة اليومية. حتى على الصعيد الثقافي هناك تمييز واضح. فالطالب الفلسطيني لا يعرف تاريخ مدينته أو قريته من خلال المدارس، ولا يعرف تاريخ أبطال فلسطين في النضال لأن هذه المادة التعليمية محرمة على الطلاب العرب.

هذه الحالة كان يعيشها الفلسطينيون أيضاً في لبنان، فكان ممنوع على الفلسطينيين تسجيل أولادهم في مدارس لبنانية رسمية، لأن منظمة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل الفلسطينيين المسماة (أنروا) كانت المسؤولة عن كافة الأمور المتعلقة بمخيمات اللاجئين الفلسطينيين، حيث بنت لهم مدارس خاصة بهم. حتى في هذه المدارس كان ممنوع على المدرسين الحديث عن فلسطين، ومن يخالف ذلك يفصل فوراً من التدريس، ويخضع لاستجواب من السلطات اللبنانية، يتخلله التعرض للضرب والسجن بتهمة التحدث بالسياسة عن فلسطين.

كانوا يعلمون التلاميذ تاريخ فرنسا وجنرالاتها، ولويس الرابع عشر وغرامياته، وتاريخ نابليون وعشيقاته، كانوا يعلموهم ما يسمى بـــ تمثال الحرية في واشنطن، ولم يعلموهم ما فعلت أمريكا بالهنود الحمر، وكانوا يعلموهم تاريخ المملكة البريطانية والملكة إليزابيت وتشرشل وزمرته، وخدعونا بديمقراطية هذه المملكة، التي كانت تفخر بأن الشمس لا تغيب عن مستعمراتها الاستبدادية الاستعمارية.

لم يعلموهم تاريخ بلدهم، فهذا التاريخ كان من المحرمات عليهم بكل المعايير، لم يعلموهم تاريخ الثورات الفلسطينية في الثلاثينات والأربعينات، ولم يعلموهم تاريخ المجازر التي عاشها الفلسطيني، وحاولوا إبعاد كل ما يتعلق بفلسطين من ذاكرة الطفل الفلسطيني، وحاولوا زرع تاريخ وجغرافية بلاد الغرب في عقل التلميذ الفلسطيني.

فالحديث عن فلسطين في المخيمات كان أكثر المحرمات المفروضة من السلطات اللبنانية على اللاجئين الفلسطينيين. فكان يحرم على الفلسطيني حتى النطق باسم فلسطين، ومن يخالف ذلك يتعرض للمعاقبة بالسجن. حتى في المدارس كان ممنوعا منعاً باتاً تدريس مادة تاريخ وجغرافية فلسطين، وذلك بقرار من السلطات اللبنانية. أي كان ممنوعا على الفلسطينيين ان يدور بينهم أي حديث عن فلسطين.

هكذا تعلم التلاميذ الفلسطينيون، لكن تعليمهم هذا مر كسحابة صيف، وما بقي في الذاكرة هي الابجدية الفلسطينية، أبجدية الوطن التي تعلموها في البيت على يدي الأهل، الذين زرعوا تاريخ فلسطين وحكايات المناضلين في عقول الأبناء الصغار، الذين كبروا على حب عز الدين القسام وعبد القادر الحسيني وجمجوم ورفاقه وغيرهم، وكلما اشتد الضغط على الفلسطيني سياسيا، كثّف الأهل شحن عقول الأبناء أكثر فأكثر عن فلسطين وأبطالها، وكبر الطفل وكبر معه تاريخ الوطن.

ذات مرة، وفي احتفال مدرسي متواضع، صرخ طالب بأعلى صوته: "عاشت فلسطبن"، وبعد ساعات قليلة، تم نقل الطالب إلى أحد أقبية التحقيق الأمني، حيث تعرض إلى الإذلال والتعذيب والاهانة، وجريمته أنه مجد بلده، وتمجيد الوطن الفلسطيني والحديث عنه، كان  جريمة تعرض صاحبها لملاحقة من الأجهزة الاستخباراتية اللبنانية، والطالب الذي صرخ (عاشت فلسطين) عاش ثلاثين يوما في السجن.

كان الآباء والأمهات يشرحون لأولادهم كل شيء عن قراهم الفلسطينية، إضافة إلى ذلك، تم تشكيل مجموعات من سكان المخيمات مهمتها التوعية، حيث كانوا يقيمون حلقات تثقيف عن فلسطين للجيل الناشيء ولغيره أيضاً ليعرف وطنه تاريخيا وجغرافياً.

ولذلك فالمفروض في ظل هكذا نظام، تدريس أبناءنا  خريطة فلسطين الحقيقية، وتاريخها المشرف في النضال ضد الاحتلال ,وتاريخ أماكنها المقدسة الإسلامية والمسيحية. يقول الكاتب المصري إيهاب حمدي في مقال له: "أن اسم (فلسطين) قديم جدا، ورد ذكره أول مرة في السجلات المصرية التي تعود إلى العصر البرونزي المتأخر إبان فترة حكم الفرعون المصري رمسيس الثالث، إذ استخدم المصريون الاسم (بلست) (pelest)، كما هو مدون بالهيروغليفية على جدران معبد الكرنك للإشارة إلى سكان ساحل فلسطين الجنوبي.