[x] اغلاق
الجريمة تنتشر في المجتمع العربي والكل يتفرج
7/11/2019 9:38

الجريمة تنتشر في المجتمع العربي والكل يتفرج
 

الإعلامي أحمد حازم

كنت عائداً ذات يوم  عائداً من هملي إلى البيت، حيث كنت وقتها أسكن في العاصمة الألمانية برلين، وقد لاحظت وجود مجموعة كبيرة من  المواطنين يقفون وقفة احتجاجية في إحدى ساحات المدينة،و,تبين لي أن المواطنين يحتجون على  قيام سائق بدهس بطة خرجت من بحيرة قريبة من الشارع الرئيسي،  ولم ينتبه السائق ودهسها. وقد أثار هذا الأمر غضب حماة البيئة والطيور، وأعلنت جمعيات مختصة بالطيور والرفق بالحيوان في بيان مشترك عن استيائها وإدانتها لهذا العمل، الذي يعتبر الثاني من نوعه في ذلك العام،  ودعت إلى وقفة احتجاجية خصوصاً وأن السائق كان عربياً. وقد انتشر الخبر في كافة وسائل الإعلام. مما أجبر حكومة برلين على اتخاذ إجراءات إضافية لحماية الطيور والحيوانات ومعاقبة سائق السيارة.

تصوروا أن دهس بطة بالخطأ، أغضب سكان إحدى أهم العواصم الأوروبية، فما بالك لو كان إنساناً. هناك في أوروبا يوجد اهتمام بالإنسان والحيوان على اختلاف أنواعه. وعندنا لا يوجد أي احترام لبني آدم وأصبح قتل الانسان عندنا في المجتمع العربي أسهل من شربة ماء. والأمر المخزي أن غالبية حالات الإجرام ترتكب لأسباب تافهة، مثل اختلاف على موقف سيارة، أو تجاوز آخرين بالسواقة  أو بسبب تبادل ألفاظ نابية إلى غير ذلك من السخافات.

أكثر من ثمانين شخصاً قتلوا منذ بداية هذا العام في المدن والقرى العربية حتى هذا اليوم، علماً بأن المجتمع العربي يشكل عشرين بالمائة من مجموع سكان إسرائيل. فلماذا نحن هكذا؟ هل أصبح العنف عنواننا في هذه المرحلة. لماذا لا يأخذ موضوع العنف حيزاً أكبر وأهم  في المدارس والمساجد والكنائس وحتى في البلديات والمجالس المحلية؟

تقول المعلومات، ان العنف له أسباب عديدة ومن بينها التنشئة الخاطئة للأجيال، مشاهد العنف التي تعرضها القنوات التلفزيونية والفقر والجهل والبطالة. ويعتقد مختصون في العنف" أن الإنسان يولد على فطرة الله تعالى التي تنبذ القتل والإيذاء للبشر،ولكن عندما تتمّ تربية الإنسان صغيراً على مفاهيم خاطئة وعادات وأعراف مغلوطة، فإن ذلك يؤدي إلى بلورة شخصية الإنسان بشكل خاطىء بحيث يتبنّى أفكاراً تخالف فطرته وتعاليم دينه السمحة"

قد تكون هذه الأسباب صحيحة في بعض المجتمعات العربية، لكن عندنا في مجتمعنا العربي يختلف الأمر. فارتكاب الجريمة عندنا يتم وللأسف لأسباب تافهة. يتحدثون عن قيام مجموعة  بنصب خيمة امام مقر رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو احتجاجا على تقاعس الشرطة في كشف الجريمة. لكن وبحكم معرفتنا بسلوكيات السلطات الرسمية تجاهنا، فإننا لو نصبنا مخيماً وليس خيمة لن تتحرك الجهات المسؤولة، لأنها تتعامل معنا تحت شعار "فخار يكسر بعضو".  دعونا نكون صريحين مع بعضنا البعض ونضع النقاط على الحروف: لنكون جريئين ونقول "العيب فينا".  المجتمع العربي يتحمل أيضاً مسؤولية كبيرة عن تفشي حالات العنف بيننا، فهناك تربية خاطئة وغير سليمة يكبر معها الطفل.  لقد سمعت آلاف المرات  ما يقوله الأهل لإبنهم:" اللي بضربك إضربو وكسر راسو". وكيف نفهم أن يأخذ  طالب معه سكيناً إلى المدرسة ، حتى وصل الأمر بطالب لم يبلغ بعد سن الرابعة عشر أن يأخذ معه مسدساً إلى الصف كما ذكرت وسائل إعلامية. أين الأهل من كل ذلك؟ وتسألون بعد عن سبب تفشي  العنف؟

كل هذا لا يعفي طبعاً إعفاء أعضاء الكنيست والبلديات والمجالس المحلية، فهم الذين انتخبهم الشعب لحل مشاكل المواطنين وليس فقط لتقاضي الرواتب، فماذا هم فاعلون؟ لا شيء. هناك شعار طرحه المنتفضون في لبنان " كلن يعني كلن" وأنا  أكرر ذلك باللهجة الفلسطينية " كلهن يعني كلهن" مسؤولين عما يجري في الشارع العربي. يجتمعون في التعازي والأعراس والمظاهرات انطلاقاً من القول:"شوفيني يا ناس" ثم يتوارون عن الأنظار. يا ليتهم يجتمعون "كلهم يعني كلهم" ليناقشوا (ويتصوروا أيضاً)  ويتخذوا قرارات بشأن العنف في مجتمعنا.  يا ريت "يستحوا ع حالهن ويعملوا  شيء".