[x] اغلاق
وجهان في الظل
27/2/2020 8:44

وجهان في الظل

بقلم: زايد خنيفس

بديع سلمان نكد:

كلمة الحق، تحتاج لأناس لا تهاب قولها، وعصر يوم الأربعاء رحل لدار الحق المرحوم أبو يوسف بديع نكد، عن عمر ناهز الثمانين عامًا. الراحل على مدار سنواته الأخيرة تعرّض لأزمات صحيّة، لكنه استطاع تجاوزها رغم صعوبتها، وبديع نكد اسم توقّف عنده الكثيرون من خلال عمله في بلديّة شفاعمرو.

عاصر الراحل رئيس البلدية الرّاحل أبو الياس جبّور، عندما كانت هذه المؤسسة تحاول النّهوض ببنيتها لخدمة أهل البلد، والانتقال من مرحلة صعبة لمرحلة البناء والتنظيم، وهنا بدأ الرّاحل يعمل مراقبًا متميّزًا في الاجتهاد الشخصي، حتّى أصبح في فترة رئيس البلدية المرحوم، إبراهيم نمر حسين، مديرًا لقسم الهندسة، عندما كانت شفاعمرو تعمل على توسيع مسطّحها، وحدود أرضها، أمام هجمة سلطوية سعت وعمِلت على افتراس أراضي شفاعمرو من كل الجهات.

للحق كان المرحوم صاحب الفضل مع الآخرين، وذلك عندما نجح بإعادة أحياء عديدة للجسد الشفاعمري الواحد، فكان صريحًا بتصريحاته وعنيدًا بآرائه، ساعيا لنيل حقوق بلده، وصاحب الفضل في بناء مؤسسات عديدة، منها التربوية والثقافية، والتعليميّة... يجب ألا نتجاهل دوره في بناء مشروع "حي الجنود المسرّحين".

عمل الراحل في قسم البناء والتنظيم الحسّاس، إذ لا يستطيع أحد مهما كان نفوذه، إرضاء كل النّاس، وكانت قمّة نجاحاته، ترأسه للجنة التنظيم والبناء المنطقية (هضاب البلوط)، أدارها بحكمة ونجاح... فقدت شفاعمرو عزيزًا تركَ بصمات ناصعة في صفحات بلده.

منير جميل البابا:

في الزمن العبثي نبحث عن مصدر النور الخافت، لعل هناك وجوه لا تعرف الرّحيل، بل تبقى زهرة تحمل كل الألوان. حمل النّعش على الأكتاف، القادم من ساحة باب الدير، على أصوات أجراس الكنيسة الحزينة، وتراتيل الكهنة، في قاعة السيدة العذراء، تردّدها وجوه ترغرغت عيونها على رحيل عزيزٍ انحفر وجهه على الجدران القديمة، لكنيسة الراهبات.

كان جثمان المسجّى في النعش في دائرة الورد، يُدمن حالة وعيونه ترنو نحو الساحة لوداعها، والراحل منير جميل البابا، صاحب الدمعة السخية، ترطّب بنزولها سماءً، والبحر القريب يعرف غيومه. وجهان في الظل لأننا لا نفقد الذاكرة، ولا تُنسى وجوه ساحرة في ملامح بلد يعرف أبنائه.