[x] اغلاق
ما بعد الكورونا، هل يتّحد العالم أم يتفرق؟
2/4/2020 7:35

ما بعد الكورونا، هل يتّحد العالم أم يتفرق؟

حاتم حسون/شفاعمرو

بعد أن اخذ الناس يدركون أن قواعد الحياة قد تبدلت وتغيرت، وأن نمطا جديدا سيطغى على حياتهم وسبل معيشتهم، وان ما كان قبل الكورونا لن يعود بعده، وأن هذا الحجر الصحي الذي فُرض على الناس إكراها وطوعا جعلهم يتعمقون في التأمل حول مستقبلهم ومستقبل البشرية جمعاء، حيث يتملكهم الرعب والحزن والالم وهم صاغرين في منازلهم لا حول لهم ولا قوة، ينتظرون بفارغ الصبر اكتشاف علاج للفيروس.

انها المرة الاولى التي يحدث فيها هذا الامر منذ أن رأينا النور في حياتنا، ليس نحن فقط، بل العالم بأسره في حالة شلل بسبب هذا الوباء الخطير وغير المرئي.

وبديهي أن تطرح الأسئلة تلو بعضها فيما أصاب البشرية، جراء فيروس الكورونا وما سبب هذا الوباء، هل الابتعاد عن مبادئ الدين وقيمه الإنسانية؟ هل بسبب الابتعاد عن الاخلاق والأصول والأدب؟ أم بسبب الابتعاد عن المعرفة التي تضاءلت يوما بعد اليوم لنرى العلماء على أبواب الملوك والرؤساء.

إن العالم رغم تطوره وتقدمه وعظمته، وقف عاجزاً، حائراً أمام جرثومة لا تُرى بالعين المجردة، أظهرت عجز البشر، وضعفهم وقلة حيلتهم، لا فرق بين دول عظمى وأخرى صغرى ونامية، وبين نظام ديكتاتوري أو نظام ديمقراطي، فما هي العبرة من ذلك؟

الإجابة طبعا تختلف بين شخص وآخر، بين متدين وعالم، بين كهل وشاب، أو بين رجل وامرأة، إلا أنه لن يختلف اثنان في ان العالم لم يكن جاهزا لمواجهة هذا الفيروس الفتاك، فقد انشغل العالم في بناء ترسانات عسكرية لمحاربة أخيه الانسان بما في ذلك الأسلحة البيولوجية والتي قد تكون سببا في انتشار مثل هذه الأوبئة وغيرها من الامراض الفتاكة، فهل يتعظ بعد زوال هذا الوباء ويبدأ بتغيير أنماط سلوكه نحو وحدة إنسانية تضع نصب أعينها مصلحة الانسان ورفاهيته؟! 

ان مرحلة وباء الكورونا هي مرحلة عابرة وزائلة وما يهمنا اليوم هو ما بعد الكورونا، لأننا سنختلف في توجهاتنا نحو كافة الأمور، من أنظمة الحكم في رأس الهرم الى علاقتنا الفردية مع أبناء اسرتنا وجيراننا والمجتمع، كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، كل من موقعه عليه مراعاة الغير والتسامح والتآخي في هذه المرحلة الحرجة، وعدم تقديم نفسه على كل شيء، فإذا زاد حب الانسان لنفسه عن حده انقلب ضده.

ولسوف نتساءل عن أفضل الأنظمة التي نرغب بها، هل النظام الديكتاتوري، الذي يتحكم في خصوصياتنا هو الأفضل، أم النظام الديمقراطي الذي نراه يتخبط في كل شيء، فيقع المواطن بين اللا والنعم، أم العودة الى النظام الاشتراكي، أم الفيدرالي أم الملكي الدستوري؟

أما التحول الأكبر فسيكون في مفهوم الحق في الحياة الخاصة لكل فرد منا، وكيف نحمي أنفسنا في البيئة الرقمية وماهي محددات تجريم المس بالحياة الخاصة للمواطن.

الحياة الرقمية بدأت تطغى على كل شيء وعلى غالبية الأجيال، وأدى وباء الكورونا الى تحولات رقمية متسارعة، فإذا نظرنا في السابق الى التعليم الرقمي كدالة على التقدم التكنولوجي، فإنه اليوم ضرورة ماسة لاستمرارية التعليم، وكلما طال أمد الوباء زادت الضرورة الى تذويت وتعميق هذا الأسلوب من التعليم وعلى كافة المستويات.

هذا غيض من فيض، سيطفو حال زوال الكورونا، أما اليوم، فاستغلوا الوقت وأنتم محجورين في منازلكم، بالمزيد من المطالعة، والمزيد من التمتع بحياتكم الأسرية، وتذويت القيم الإنسانية بكل معانيها السمحة، فالفيروسات زائلة والانسان باق، لأنه على صورة الله خُلق.