[x] اغلاق
الفلسطينيون جوهرة العرب وليسوا كورونا لبنان
23/4/2020 7:22

الفلسطينيون جوهرة العرب وليسوا كورونا لبنان

 

الإعلامي أحمد حازم

 

نشرت صحيفة “الجمهورية” اليومية اللبنانية في الرابع عشر من السهر الجاري  رسماً كاريكاتورياً، في ذكرى الحرب الأهلية، التي وقعت في الثالث عشر من نيسان عام 1975. ويتضح من الكاريكاتير أن صاحبه يستهدف الإساءة للفلسطينيين بشكل سافل وعنصري. فقد أظهر صاحب الرسم  في الكاريكاتير ملثماً يرتدي الكوفية الفلسطينية يحمل تاريخ 13 نيسان 1975، وإلى جانبه رسماً يجسّد فيروس “كورونا” تحت تاريخ 13 نيسان 2020. ويبدو بكل بوضوح أن الرسام غانم أراد تشبيه الفلسطينيين بالكورونا واعتبارهم وباءً.

صحيفة "الجمهورية" لم تقدم أي اعتذار عما فعله رسامها، واكتفت بتوضيح تدعي فيه أن  ّالكاريكاتير المذكور "لا ينطلق من أي أبعاد،  أو استهداف العلاقات اللبنانية -الفلسطينية أو الإساءة إليه، ولا يعبّر من قريب أو بعيد عن توجّه الصحيفة الحريصة على بناء أفضل العلاقات، كما ان الكاريكاتير يعبّر عن رأي صاحبه الرسام انطوان غانم الذي لم يكن يقصد اي اهانة او استهداف او تجريح"

الصحيفة المعروفة بنهجها اليميني ومؤازرتها لميليشيات يمينية لها تاريخ أسود حافل بعمليات قتل الفلسطينيين في لبنان، لم تنجح من خلال توضيحها، في إقناع الرأي العام  بأن الرسم لا يستهدف الفلسطينيين، بل على العكس من  ذلك أكدت أن العداء للفلسطيني لا يزال قائماً في قلوب الميليشيات اليمينية وأفككار قيادات ووسائل إعلام هذه الميليشيات. وإلاّ كيف نفهم الصلة بين الملثم بالكوفية الفلسطينية  وفيروس كورونا؟ فهل بهذا الرسم تريد الصحيفة "المحافظة على العلاقات الثنائية الفلسطينية اللبنانية؟ ألا يعني الرسم بكل وضوح أنه تجريح للفلسطيني من خلال تشبيهه بالكورونا ؟

هذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها الفلسطينيون في لبنان للإساءة والتجريح والعنصرية حتى من فبل شخصيات سياسية لبنانية معروفة. فعندما قامت إسرائيل في العام 1992 بإبعاد 415 فلسطينياً من الضفة الغربية وغزة، ووضعتهم في شاحنات وألقت بهم في منطقة البقاع الغربي في لبنان، سارع وزير الثقافة اللبناني في تلك الفترة نقولا فتوش إلى التعبير عن عنصريته بالقول:" ان لبنان ليس مكباً لننفايات البشرية". أليست هذه قمة العنصرية؟ ولو قام فتوش، بما انه وزير ثقافة، بفحص المستوى الثقافي لهؤلاء المبعدين لوجد أن سبعين بالمائة منهم يحملون لقب دكتور، والباقون أيضاً جامعيون يحملون ألقاباً علمية مختلفة. إذاً هؤلاء ليسوا نفايات بل هم على مستوى ثقافي يفوق مستوى الوزير العنصري.  

عندما كان رفيق الحريري رئيساً للحكومة اللبنانية، أصدر قراراً ضد فلسطينيي لبنان يصح إدراجه ضمن لائحة القرارات العنصرية البغيضة. فقد وقع الحريري على قرار يمنع توريث الفلسطيني لأولاده البيت بعد وفاته، وملكية الفلسطيني تكون من نصيب دار  الأوقاف الإسلامية اللبنانية.  ظلم لا مثيل له.

وزير الخارجية اللبنانى السابق جبران باسيل،،تحدث ذات يوم في كلمة له، عما أسماه "مخططات خارجية لتوطين اللاجئين الفلسطينيين على الأراضى اللبنانية، حيث تصاعدت هذه المحططات بقوة فى الفترة الأخيرة على نحو يهدد كيان الدولة اللبنانية، وتستهدف تصفية القضية الفلسطينية". وأكد باسيل "أن خطر توطين اللاجئين لطالما كان يهدد لبنان منذ عام 1948، غير أنه أصبح حاليا أكبر وأكثر شراسة ليتحول إلى خطر أساسي". 

يا معالي الوزير: المادة "ظ" في مقدمة الدسنور اللبناني تنص على عدم نوطين الفلسطيني وتجنيسه بحجة أن الفلسطيني ينتظر العودة. لكن واضع هذه المادة نسي كلمتين مهمتين في قرار المنع وهما: (المسلم السني) لتصبح العبارة "عدم تجنيس الفلسطيني المسلم السني"، لأن كافة الفلسطينيين المسيحيين قد تم تجنيسهم. إذاً قرار المنع هو قرار طائفي ولا ينبع من وجهة نظر وطنية كما يدعي واضعو القانون أي بحجة "العودة".

وإذا كان توطين الفلسطينيين في لبنان، يا معاي الوزير، هو خطر  يهدد كيان الدولة اللبنانية، فلماذا تم تجنيس المسيحيين الفلسطينيين؟ إذا هذا كذب على الستور وكذب على الشعب. ما جرى هو توطين طائفي بكل معنى الكلمة. وإذا كان  الدستور اللبناني  ينص على عدم توطين اللاجئين بشكل عام، فلماذا تم توطين اللاجئين الأرمن؟ طبعاً لأنهم مسيحيين، رغم أن الأرمن لهم دولة يستطيعون الذهاب إليها وبلدهم غير محتل مثل فلسطين. ولمن لا يعرف، وما دام الشيء بالشيء يذكر، فإن الجيش اللبناني يمنع الفلسطيني المقيم في لبنان حتى من الذهاب إلى الحدود اللبنانية الإسرائيلية لإلقاء نظرة على أرض وطنه. ولمن لا يعرف أيضاً، فإن المخيمات الفلسطينية في لبنان محاصرة بجدران إسمنتية وأبراج مراقبة عسكرية، تماماً مثل معسكرات النازية.

لكن كلمة حق يجب أن تقال. أن الشعب اللبناني أكثر شعب عربي قدم شهداء وتضحيات في سبيل الثورة الفلسطينية. والمشكلة ليست مع الشعب إنما مع بعض رؤوس النظام وبعض الأحزاب والسياسيين، الذين لا يمثلون شعب لبنان الذي وقف في غالبيته إلى جانب الثورة الفلسطينية.