[x] اغلاق
بعيداً عن السياسة قريباً من كورونا ... المجانين أولاد ناس
29/4/2020 8:52

بعيداً عن السياسة قريباً من كورونا ... المجانين أولاد ناس

الإعلامي أحمد حازم

اختلفت الدول الصناعية الكبرى حول "المسبب" لانتشار فيروس كوفيد 19، فالولايات المتحدة اتهمت الصين، والصين بدورها وجهت أصابع الاتهام لأمريكا. لكن الجميع اتفقوا على أن هذا الفيروس قاتل، حتى أن المسنين هم الضحايا المفضلين له. لي زميل من كبار السن يخاف على صحته كثيراً لدرجة أنه قبل انتشار كورونا كان يغسل يديه بمعدل 25  إلى 30 مرة يومياً وفي بعض الأحيان يستخدم "القفازات". والمعروف عنه حبه للحياة والفكاهة. وبما أنه كبير في السن، حرص كل الحرص على أن تظل كورونا بعيدة عنه حتى لو كانت إصابتها خفيفة. وأول شيء فعله، إقناع نفسه بأنه غير مسن بمعنى أنه شاب  باستطاعته مواجهة كورونا. فماذا فعل؟

قام بصبغ شعره الأبيض متل الثلج، ليصبح أسوداً مثل الليل، وارتدى قمصاناً شبابية بلون أحمر وزهري وقمصانا مزركشة بورود ذات ألوان مختلفة، وارتدى بنطلوناً ضيقاً، أضيق من تفكير رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، وبالكاد يدخل ساقيه فيه، ثم بدأ يتجول في الحارة، ظناً منه أن شكله الشبابي سيمنع اقتراب كورونا منه.

لكن هذا الزميل "المسن" الذي تقمص شكل "شاب"  نكاية بفيروس  كورونا ، نسي المعلومات التي تقول ان المدخنين هم أكثر الناس عرضة لهذا الفيروس، إذ لا فرق بين شاب ومسن، ولا فرق بين السيجارة والأركيلة والسيجار، فكل شيء من أسرة الدخان مستهدف من كورونا. الزميل من رافعي لواء التدخين وكان يقضي على أربعين سيجارة يومياً فأصبح لديه معاناة كبيرة من الضغط العالي وهو في عز الشباب. وبما أن بعض المسنين على ذمة الطب يعانون من النسيان،   فعلى الأكثر نسي صاحبنا حرفاً بحكم تقدمه في السن، وبالتحديد في كلمة (عز) إذا نسي حرف (ج ) الجيم بين (ع)  و(ز) . والأنكى من ذلك أنا صاحبنا محدود الدخل، ولذلك كان يشتري أرخص أنواع التبغ، ويقوم هو شخصياً بلف السجائر. وذات يوم تفاجأت بأن الصديق عاد إلى رشده وتوقف عن التدخين، عندما سمع بأن المدخنين من المفضلين أيضاً للفيروس كورونا. وقطع عهداً على نفسه بأن لا يشتري سجائر أو تبغ بعد اليوم وتوقف عن التدخين. ليس لأن التدخين يضر بالصحة، بل لسببين آخرين: أولهما توفير النقود التي يدفعها، وثانيهما الإستفادة من قانون جديد أعلن عنه مدير الشركة التي يعمل بها. فماذا يقول هذا القانون؟ 

ينص القانون على تقديم يوم إجازة إضافي لأي شخص يتوقف عن التدخين لمدة ثلاثة أشهر، ويومين لمن يتوقف ستة أشهر.

لكن صديقنا كان يجد في نفسه رغبة دائمة للتدخين بدون المس بجيبه. ولم يستطع مقاومة هذه الرغبة. فكان يطلب سيجارة من اي زميل أو صديق مدخن. وكثيراً ما كان يتبجح بأنه غير مدخن ويخدع نفسه لأنه لا يشتري سجائر أو تبغ. وذات يوم  شعر بأن ذلك عيباً إذا استمر في "شحدة" سيجارة. ففكر باللجوء إلى "اللبان" الذي يسمى "علكة". صحيح أنه في هذه الحالة سيضغط على حنكيه ولسانه، لكن ذلك يظل أخف من الضغط على جيبه وصحته. 

عندما تحدثت إلى صديقي قبل فترة، قال لي أنه عاد للتدخين بصورة رسمية لحماية نفسه من كورونا، واستغربت ذلك. ويعتمد صديقنا على دراسة فرنسية،  أظهرت مؤخراً  دور التدخين في الحماية من كورونا وليس العكس. فقد قام باحثون في مستشفى "لابتيي سال بتريير"  في العاصمة  الفرنسية باريس بالتعاون مع المختص في علم البيولوجيا العصبية وعضو أكاديمية العلوم الفرنسية جان بيير شانجو، بنشر دراسة علمية لمعرفة الآثار الإيجابية المحتملة لمادة النيكوتين في التصدي لفيروس كوفيد-19. وتبين أن مادة النيكوتين إحدى المكونات الرئيسية في صناعة السجائر تجعل المدخنين أقل عرضة لفيروس كورونا مقارنة بغير المدخنين.  على كل حال فإن كافة محاولات صديقنا لإبعاد كورونا عنه إن كان ذلك بتغيير مظهره أو الإقلاع عن التدخين والعودة إليه ثانية، قد باءت بالفشل لأنه يرقد الآن في المستشفى بسبب كورونا.