[x] اغلاق
خلاف حول فعالية الكمامة في الوقاية من كورونا
23/7/2020 15:29

خلاف حول فعالية "الكمامة" في الوقاية من كورونا

الإعلامي أحمد حازم

منذ ظهور أولى حالات كورونا, وما زالت الإصابات في ازدياد, ولم يتمكن العالم بعلومه وأبحاثه لغاية الآن من السيطرة على هذا الوباء, أو حتى التوصل إلى  تفسير منطقي لأسباب انتشار لفيروس كوفيد 19.

الأطباء تحدثوا في البداية كعوارض للفيروس، عن ارتفاع الحرارة واحتقان الحلق وفقد حاستي التذوق والشم, بعد ذلك سمعنا أسبابا أخرى. فتحدث الطب عن ضيق التنفس والالتهاب الرئوي، وفي بعض الحالات قد يصاحب هذه الأعراض مغص أو إسهال، والآن يتحدث الأطباء عن وجود مستقبلات عديدة داخل جسم الإنسان لهذا الفيروس، إذ يمكن أن يتجه إلى الجهاز الهضمي ويعطب الكلى والكبد، وقد يتجه إلى الجهاز العصبي ويصيب المريض بالهذيان أو يتجه للقلب والأوعية الدموية ويصيب عضلة القلب, أو يتسبب في جلطات بالساق أو الشرايين، ودللوا على ذلك بعثورهم على جلطات في أماكن متعددة عند تشريح أجساد المتوفين بكورونا.

"الكمامة" بشكل عام باهتمام عالمي في كافة وسائل الإعلام العالمية، حيث يتم إبراز دور هذه القطعة القماشية في الوقاية من جائحة كورونا، التي تكاد تقترب من الرقم ستين ألف في البلاد، إذا استمر التفشي على حاله على الصعيد الإسرائيلي، علماً بأن الرقم  المصابين بهذا الفيروس عالمياً تجاوز 14 مليون شخص. مجلة "وقائع" الأكاديمية الوطنية للعلوم، نشرت دراسة علمية حديثة أجراها باحثون في ولايتي تكساس وكاليفورنيا الأمريكيتين، كشفت فيها دور كمامات الوجه في الحد من تفشي جائحة كورونا.

وقارن العلماء في الدراسة بين معدلات الإصابة بـ كوفيد 19 في كل من إيطاليا ونيويورك، قبل وبعد فرض ارتداء الكمامات. وجاء في الدراسة: أن معدلات الإصابة بفيروس كورونا المستجد في كلا الموقعين، قد انخفضت عقب جعل ارتداء الكمامة إلزاميا. ووفق الأرقام الواردة في الدراسة، فإن ارتداء الكمامة حال دون تسجيل 78 ألف إصابة في إيطاليا خلال الفترة الواقعة بين 6 أبريل/نيسان و9 مايو/أيار ، بينما وصل هذا الرقم في مدينة نيويورك إلى 66 ألف، في الفترة الممتدة من 17 أبريل/نيسان  وحتى 9 مايو/أيار .

رئيس جمعية «زويال سواسييتي» في لندن، فينكي رامكريشنان، الحائز على جائزة نوبل للكيمياء،أصدر بياناً حول ضرورة ارتدء الكمامة قال فيه "إن رفض وضع الكمامة لمكافحة جائحة كوفيد-19 بات كالقيادة في حال سكر". أما الكاتب البريطاني أوليفر داف، فقد كتب مقالا بعنوان: " ارتداء الكمامة عمل تضامني نبيل». يقول قيه:" إن ارتداء الكمامة قد يكون مصدرا للإزعاج، إلا أن ذلك ثمن زهيد أقلّ ثمن يمكن تخيله في هذه الظروف- للمساعدة في استعادة المجتمع والاقتصاد، وفي محاولة إنقاذ آلاف الأرواح، وملايين الوظائف، وفي كل مرة نرتدي اكمامة يزداد الاعتياد عليها في هذا الظرف الاستثنائي، وهو ما قد ينقذ الأرواح". أما صحيفة واشنطن بوست فقد قالت، إن الكمامات أصبحت على وشك أن تكون الواقع الوطني الجديد في الولايات المتحدة مع اتجاه عدد متزايد من الولايات والشركات لفرض ارتدائها، بينما يعد خبراء الصحة بأنها آخر خطوط الدفاع فى البلاد.

لكن هناك رأي آخر حول الكمامة. ففي الجدل الدائر حول الارتداء العام للكمامات للوقاية أو تقليل خطر الإصابة بفيروس كورونا، أعرب عالم فيروسات ألماني عن تشككه في جدوى ارتداء الكمامات في الحياة اليومية للوقاية من فيروس كورونا المستجد، معللاً ذلك بالاستخدام غير الصحيح لها في كثير من الأحيان، فقد صرح العالم  هندريك شتريك، مدير معهد الفيروسات في مستشفى بون الجامعي، لصحيفة "نويه أوسنابروكر تسايتونغ" الألمانية، إن "الناس يضعون الكمامات في جيوبهم ويمسكونها باستمرار ويضعونها على أفواههم،وربما بدون غسيل، إنها تربة خصبة ممتازة للبكتيريا والفطريات".

المعلومات المتوغرة تقول ان الكثير من الناس في أنحاء آسيا يرتدي كمامات محاولين حماية أنفسهم من فيروس "كوفيد-19 الناجم. أما في أوروبا والولايات المتحدة فإن ارتداء الكمامات أقل شيوعا. منظمة الصحة العالمية، لها موقف من هذا الأمر. فهي تقول: إذا كنت تتمتع بصحة جيدة فإنك بحاجة لوضع الكمامة فقط في حالتين: الأولى: إذا كنت تعتني بشخص مصاب بكوفيد-19 أو يشتبه بأنه مصاب بالمرض، والثانية: إذا كنت تسعل أو تعطس أو تشتبه في أنك مصاب بفيروس كورونا. وحسب الخبراء، فإن فائدة الكمامات هي التقاط الرذاذ الذي ينشره السعال والعطس والأنفاس، وهي طرق الانتقال الرئيسية لفيروس كورونا المستجد.

نعيش في وقت غريب جدا. دول العالم التي تخوض معركة شرسة مع فيروس كورونا أصبحت كما كتبت من قبل تعلق كل آمالها على التزام الأفراد. ودول العالم بكل إمكانياتها الرهيبة مجتمعة لم يعد لها سلاح تستخدمه في المعركة وتأمل أن يتحقق النصر على يديه سوى الكمامة.. نعم.. هذه القطعة الصغيرة من القماش أو أيا كانت أصبحت هي المنقذ للبشرية كلها.

الكمامة تقدمت اليوم لتلعب دور البطولة المطلقة في معركة البشرية مع كورونا.

اليوم، العلماء والخبراء والقائمون على المراكز العملية المختصة والمسؤولون الحكوميون في كل دول العالم، لم يعد لهم من حديث سوى التغني بالدور التاريخي الذي تلعبه الكمامة، وسوى مناشدة الناس أن يلجأوا إليها إنقاذا لأنفسهم ولدولهم ومجتمعاتهم.

تأمل معي عزيزي القارئ بعضا مما قيل في هذا الصدد، ففيه فائدة كبيرة للجميع على أي حال.

. في الماضي كان من الطبيعي تناول بعض الكؤوس والعودة إلى المنزل وكان من الطبيعي قيادة السيارة من دون وضع حزام أمان. اليوم هذان التصرفان يعتبران منافيين للسلوكيات الاجتماعية، وعدم وضع كمامة عند الخروج بين الناس يجب أن يصنف في الخانة نفسها» .وأضاف: «عندما نضع جميعا الكمامة نحمي بعضنا البعض وأنفسنا. لم يتم القضاء على الفيروس بعد».

روبرت ريدفيلد مدير المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها كان يتحدث في مقابلة عبر الإنترنت مع دورية الجمعية الطبية الأمريكية جاما.

وقال إنه إذا وضع جميع الأمريكيين الكمامة، فإنه من الممكن السيطرة على تزايد حالات الإصابة بكوفيد-19 خلال فترة تتراوح بين أربعة وثمانية أسابيع.

.. إن تغطية وجوهنا أثناء التواجد مع الغرباء في أماكن مغلقة له فائدة كبيرة في حماية الآخرين، وإن ارتداء الكمامة عمل نبيل وبسيط، يجمع بين التضامن واللطف.

الدكتور أنتوني فاوتشي مدير المعهد الوطني الأمريكي للحساسية والأمراض المعدية قال إن الأمريكيين يبطئون في الواقع عملية إعادة فتح البلاد بعدم ارتداء الكمامة، الأمر الذي يتسبب في ارتفاع معدلات العدوى.

وقال فاوتشي، في حوار عبر الإنترنت في حدث لمؤسسة غرفة التجارة الأمريكية إنه «إذا أصبت بالعدوى، فمن المحتمل أنك ستصيب شخصًا آخر.. ونحن بحاجة إلى محاولة توليد شعور جماعي بالمسؤولية الشخصية والمجتمعية» وأوضح فاوتشي أنه يحترم «روح الاستقلال في بلادنا»، لكنه أضاف أنه يجب على الجميع أن «يتعاونوا في وضع خطير للغاية. إذا استطعنا أن نجعل المزيد من الناس يفهمون ذلك، نأمل أن نحصل على المزيد من الأشخاص الذين سيكونون على استعداد لارتداء الأقنعة».

وأشارت الصحيفة إلى أنه على الرغم من أن البيت الأبيض لا يزال يرفض المضي قدما في فرض ارتداء الكمامة على الصعيد الوطني، تكثر الأدلة على أن أغطية الوجه أصبحت متطلبا فعليا، وليس فقط في المدن الكبرى التى كان استخدامها فيها شائعا منذ أشهر.

دراسة أمريكية، وعلى سبيل الدور البطولي السحري الرهيب الذي تلعبه الكمامة، ذكرت ان هذه الكمامة أنقذت في واقعة واحدة حياة 140 شخصا. الذي حدث أن اثنين يعملان في صالون للتجميل أصيبا بكورونا، وخالطا 140 شخصا لكن هؤلاء المخالطين أثبتت الفحوص انهم لم يصابوا، لأن الاثنين كانا يرتديان الكمامة.

دعك عزيزي القارئ من الجانب الفلسفي في هذا الحديث والذي يستحق التأمل حقا من حيث إن البشرية بكل تاريخها ومنجزاتها وإمكانياتها أصبح أملها ومصيرها معلقا بالكمامة وما يعنيه ذلك.. المهم أن هذا الحديث ينبهنا مجددا الى الأهمية الحاسمة ليس فقط لارتداء الكمامة، ولكن أيضا للالتزام بكل القواعد والإجراءات الاحترازية المطلوبة.

منذ ظهور أولى حالات كورونا, وما زالت الإصابات في ازدياد, ولم يتمكن العالم بعلومه وأبحاثه لغاية الآن من السيطرة على المرض, أو حتى التوصل إلى  تفسير منطقي لأسباب انتشار هذا الفيروس.

, وما زالت الأسئلة المتعلقة بـ”كورونا” تطل برأسها في انتظار إجابة شافية؛ عن كيفية انتقال العدوى, وتطورات المرض وأعراضه المستجدة التي نكتشفها كل يوم, وطرق العلاج الناجعة والأدوية المناسبة والتي تبين بعد تجربة معظمها, تأثيرها السلبي على بعض المرضى والإيجابي على البعض الآخر, حتى تحول “كورونا” للغز غامض ينتظر من يفك طلاسمه.
اللغز الكبير لـ”كورونا” هو علاقة الإجراءات الاحترازية بالحد من أعداد الإصابات, فنجد دولا اتخذت إجراءات صارمة؛ أغلقت بموجبها معظم الأنشطة الحياتية التي ارتأت احتمالية نقلها للعدوى, بمجرد ظهور الوباء على أرضها، والتزم معظم سكانها بالتباعد الاجتماعي ولبس الكمامة وارتداء القفازات، وقياس درجات الحرارة قبل دخول أي منشأة؛ بداية من المجمعات التجارية الكبيرة؛ حتى أصغر بقالة، ولم تتردد في إغلاق قرى وأحياء بأكملها ومنع التنقل بين المدن في مسعاها لمحاصرة الفيروس, وأجرت آلاف المسحات وخصصت أماكن لعزل وعلاج المصابين، وتكبدت جراء ذلك خسائر اقتصادية فادحة، وكان المأمول أن يأتي المردود متناسبا مع هذه الإجراءات القاسية، ولكن للأسف جاء مخيبا للآمال فقفزت أعداد الإصابات, وزادت الوفيات وضغط عدد المصابين على المستشفيات وغرف العناية المركزة.
بينما على الجانب الآخر، هناك دول عانت في بداية الجائحة من إصابات مهولة تخطت الألفي حالة يوميا وامتلأت مستشفياتها بمصابي كورونا وعجزت غرف العناية المركزة عن استيعاب المصابين بضيق التنفس والفشل الرئوي وتخطت الوفيات عدة آلاف، هذه الدول اكتفت بحظر تجوال جزئي وقررت في بداية الشهر الجاري فتح كافة أنشطتها الاقتصادية واستئناف حركة الطيران واستقبال السياح وفتح الشواطئ ودور السينما والمطاعم والمقاهي، وعودة الموظفين إلى أعمالهم بكامل قوتهم، ومع الفتح فوجئنا بعدد الإصابات ينخفض، وأعداد الوفيات تهبط لخانة العشرات، واختفت الاستغاثات التي كنا نسمعها من المصابين على مواقع التواصل الاجتماعي.
من ألغاز “كورونا”؛ أسرة مكونة من أربعة أفراد الأب والأم وابن وابنة يعيشون في شقة واحدة، تظهر الأعراض على الأم .. تجري مسحة يتبين إيجابيتها، يتم عمل مسحات للمخالطين يتبين إصابة البنت الصغرى بكورونا، بينما تظهر سلبية التحاليل بالنسبة للأب والابن رغم مخالطتهم جميعا للأم المصابة, ولا نجد تفسيرا مقنعا، فهناك تفسير يرجع عدم الإصابة لقوة مناعة الأب والابن مقارنة بضعف مناعة البنت، بينما هناك دراسات جديدة عن منظمة الصحة العالمية تتحدث عن انتقال الفيروس من خلال الهواء.
الأطباء تحدثوا في البداية عن ارتفاع الحرارة واحتقان الحلق وفقد حاستي التذوق والشم,، بعد ذلك سمعنا أسبابا أخرى. فتحدث الطب فيما بعد  عن ضيق التنفس والالتهاب الرئوي، وفي بعض الحالات قد يصاحب هذه الأعراض مغص أو إسهال، والآن يتحدث الأطباء عن وجود مستقبلات عديدة داخل جسم الإنسان لفيروس “كورونا” إذ يمكن أن يتجه “كورونا” إلى الجهاز الهضمي ويعطب الكلى والكبد، وقد يتجه إلى الجهاز العصبي ويصيب المريض بالهذيان أو يتجه للقلب والأوعية الدموية ويصيب عضلة القلب, أو يتسبب في جلطات بالساق أو الشرايين، ودللوا على ذلك بعثورهم على جلطات في أماكن متعددة عند تشريح أجساد المتوفين بكورونا.

وأخيرا، الفترة اللازمة للشفاء من “كورونا”؛ كان الحديث عن 14 يوما من اختفاء الأعراض وسلبية المسحة الثانية، اكتشفنا الآن مرضى اختفت عنهم الأعراض بعد أيام قليلة من الإصابة، بينما هناك مصابون لازمتهم الأعراض لشهور رغم سلبية المسحة الثانية، وهناك من تظهر عليه كافة أعراض “كورونا” وتأتي تحاليله سلبية، لذلك يعتمد الأطباء الآن على أشعة الصدر وتحاليل الدم لتشخيص الإصابة بكورونا.
احتار الأطباء في تفسير تلك الظواهر المصاحبة لـ”كورونا”، التي أظهرت عجز التقدم العلمي الذي حققته البشرية خلال العقود الماضية, أمام جبروت “فيروس” ضعيف لا يرى بالعين المجردة، ولكنه شل حركة الحياة على كوكب الأرض، وسيحتاج الإنسان عشرات السنين لسبر أغواره والسيطرة عليه, كما سبق وسيطر على أقرانه من الفيروسات التي أهلكت ملايين البشر.