[x] اغلاق
سفير النّوايا الرّومانسيَّة
24/6/2021 14:15
من زمن البدايات
سفير النّوايا الرّومانسيَّة
بقلم: مارون سامي عزّام
أضاء قمر الليل جانبًا مظلمًا من تفكير تلك الفتاة، فتحرّشَت به وسألَته: "لماذا دائمًا ألعب أدوار البطولة في صالة عرضه الرّومانسية، المؤثّثة بكلمات أنيقة، تجلس أمامي على صفوف الأسطُر، لتشاهد استعراضه اللغوي اللافت، لحكايته المثيرة عن جسدي... وكانت تتلهّف، كلّما لَمَحت على شاشة إبداعه السحريّة، بشرتي ناصعة البياض... وكانت تتحمّس أكثر، من مؤثرات نصوصه، التي جعلت شعري الأسود يتطاير"، أجابها وضوؤه ينعكس عليها: "عروضه مجرّد تمارين استباقيّة، لتقبليه سفيرًا للنّوايا الحسنة في وطنك البعيد عنه".
أبلغني القمر ما قالته عني، فقلت له: "قل لها إنها بعد كل هذه السنين التي تناثرت في فضاء الزّمن، استَيقَظَت ذاكرتي من غفوة الوهم، ثمّ بدأتُ أشعر أنّ رتبتي كاتبًا مسرحيًّا عِشقيًّا، لم تعُد تليق بمكانتي، أحاول أن أكُون سفيرًا لديها، فقط أحتاج لتأشيرة عذوبة ثغرها، كي أدخل حدود قلبها المغلقة أمامي، دون حاجتي إلى ختم نظراتها التي تُشمّع مسرحي بشمع جفائها".
تسرب القمر خلف الغمام، ولم يأتِني بالرَّد، شككت بالأمر، لذا قررت السفر إلى بلادها، وعند وصولي الحاجز، شلَّني الخوف وتشاءمت، ورغم ذلك اقتربت بخطواتٍ مقيدة بسلاسل الرّيبة. حصل ما كنت أتوقعه، حملقت فيَّ نظراتها المشدوهة من جرأتي، كأنّها تقول لي: "الزم حدودكَ يا هذا؟"، أجبتها: "أبتغي أن أكُون سفيرًا في بلادك، لفترة من الزّمن، لأتعرّف أكثر على نهج حياتكِ... لأدرس معالم سلوكك أكثر، لأكون مقرّبًا منكِ، ربّما حظيتُ بثقتك، وبدأنا نبني شبكة متينة من العلاقات، لأكسب رضاكِ!!..."
سارت طويلاً في ردهات التفكير، ووقّعت على أوراق اعتمادي، قَبِلتني سفيرًا في بلادها، وأنا دخلتُ سفارة آمالي، لكنّي بقيتُ تحت مراقبتها اليوميّة، خوفًا من أن أتجسّس على خصوصيّاتها. أدّيت مَهامي تجاهها بتفانٍ، وتجاه كياني قدّمت خدماتي الفكريّة باحترام... خلال فترة خدمتي، كنت دبلوماسيًّا للغاية بتصرفاتي معها، راعيتُ خطوط سياستها تجاهي، إلاّ أنها أبت أن تراعي سياستي، فعدتُ إلى وطني، حاملاً حقيبة الحيرة!!