[x] اغلاق
يومًـا مـا سـأختـارها!!
11/8/2022 13:53
يومًـا مـا سـأختـارها!!

بقلم: مارون سامي عزّام

تصفر في آذاني العديد من الأسئلة، صفير مستغرَب ومزعج، آتٍ من شفاه ناس شغوفة، يريدون أن يُنذِرُوني من خياراتي العشوائيّة السّابقة للفتيات، كأنّني ما زلت قاصرًا، لا أعرف واجباتي تجاه نفسي، وتجاه ضميري الوسيط الوحيد بيني وبين التي سأختارها يومًا ما... أتمنّى أن تتوقّف صفارات إنذارهم الموَتّرَة لأعصابي، لأنها باتت لا تُحتَمَل.

شفاه الناس، تتسلّى بحل لُغز، "من تكون حبيبتي"... جعلوها الحلقة المفقودة في سلسلة حياتهم اليوميّة!! يبحثون عنها في كل مكان يخطر ببالهم وأنا ما زلت أرُشُّ أجوبتي الالتفافيّة حولهم التي تُغيظهم، فطفقوا يهذون بالحبيبة الموعودة، وكأن التي سأختارها ستمُر في عملية استجواب، ليعرفوا إذا كانت تلائمني أمّ لا!! رغم أن هذا الأمر يخصّني وحدي. 

النّاس تريد معرفة إذا استقر خياري على فتاة معيّنة، أو إذا بدأت مشاعري تتبلور حول فتاة ما، لذا أصبح فضولهم مقزّزًا، يضايقني، لقد أقسمت لهم في حال تمّ المراد، لن أخفيها عنهم، بل سأعلن عنها، عبر وسائل الرصد الاجتماعي. عقليّة مجتمعنا السّاذجة، تعتقد أنّي بدأتُ أكتب لها بقلمٍ سحريّ جُمَلاً رومانسيّة مشفّرة، يصعب فكّها، مُوجّهةً لها حصرًا، تفهمها هي فقط!! 

إن هذا الشّأن يعنيني فقط، وليس موضوعًا قابلاً للتّباحث العلني، كي تصبح مسألة التي سأختارها، قضيّة رأي عام، لكن أنا ألوُم نفسي، بأنّي لم أضَع حدًّا لمجاملتهم، وإذا تغاضيت عنهم، سيقولون أنّي إنسان منغلق على نفسي، غير اجتماعي، دُغمائي... كأنهم لا يجدون مفتاحًا آخرَ للحديث معي، سوى عن قضية التي ستكُون حبيبتي، لذلك شعَرُ النّاس أنّي تركتُ لهم رواقًا حواريًّا، عن غير قصد، لفتح باب هذا الديوان الاجتماعي، وراحوا يدردشون معي، بين الحين والآخر، حول الفتاة المجهولة التي ستحمل لقب "حبيبتي"!! 

حسب منظورهم الاجتماعي، الذي لا يرى استحواذ تصرّفاتهم، فمن غير المعقول أن أبقى بدون رفيقة درب... ترافقني في المناسبات، لا يعلمون بأني إنسان عادي جدًّا، لا أحب الظّهور، أكره الأضواء، لإنها تُبهر رؤيتي... أنا غير غافل عن أموري المستقبليّة، أدرِك مدى حاجتي لامرأة تعيلني، تهتم بشئون منزلي، ولكن لم يحِن الوقت البعد، فأمامي مَهَمّات أخرى، تشغل كل وقتي. 

أحتفظُ بداخلي صفات التي سأختارها وليس في قلبي، ولن تكُون كما يتصوّرها النّاس؛ بأن تفيض تيارات أنوثتها على ضفاف النّاظرين، أو يتصوّرون جمالها يصرُخ في أرجاء التبرّج... تمرُّ في طرقات محايدة، لئلاّ تلتقي بهم، فهذه هلوسات مرفوضة كلِّيًّا!! لأنها ستكون عكس توقّعاتهم، فأنا أتمنّى أن تكُون امرأة، مرآتها التّواضع، تصرّفاتها متّزنة... عاديّة التقاطيع، تحب الاجتماعيّات لا نقل الأحاديث عبر قنوات الثرثرة!!  

من ضمن أولويّات الحبيبة التي سأختارها، أن تكون ثقافيّة الحضور... جدِّيّة التفكير... ومنفتحة الرّأي... أنيقة الملبَس، تعرِف أن تُقدّر فِكر الشّخص الذي تتحدّث إليه، وأن تلمح في عينيه أفق التوافق، ليستطيعَا إكمال عمليّة تقاربهما... تتغاضى عن شكله الخارجي، أمر آخر، ألاّ تنجر وراء بريق حضوره المزيّف، هذه صفات الحبيبة التي سأسعى نحوها يومًا ما...