[x] اغلاق
مدينتي وقصتها مع النّظافة
6/10/2022 7:17

مدينتي وقصتها مع النّظافة

بقلم: زايد صالح خنيفس

قضية النظافة باتت تأخذ حيّزًا واسعًا من وقتنا، ويكاد لا يخلو مجلسًا أو جمعًا من الحديث عن النّظافة في أنحاء المدينة، وكأنها الشغل الشّاغل لهموم النّاس. الواقع بأن النّظافة ما هي إلّا تربية وسلوكًا، يجب أن يكُون منهجًا أخلاقيًّا، نربّي فيه أطفالنا عليه منذ صغرهم. سمعتُ مؤخّرًا مقابلةً إذاعيّة مع رئيس بلديّة شفاعمرو، السيّد عرسان ياسين، حيث كشَف بأن البلديّة تصرف في بند النّظافة ما يقارب الـ 25 مليون شاقلًا، تشمل جمع النّفايات على أنواعها، وإخلاء المواد البيتيّة، في وقت قال رئيس البلديّة، بأنّ بلدية موتسكين، تُخصّص للنّظافة 9 مليون شاقلًا من ميزانيتها السّنويّة. والواقع لم نتأكّد من صحّة قوله، لكن نستطيع أن نجزم بأن المسافة بين البلدَتَين بضع كيلومترات. التعامل مع موضوع الصّحّة بكل أقسامها، يختلف من مجتمع لآخر، وقد رأت عيناي نساءً شفاعمريّات، ينظّفن الحاويات المنزليّة، مستخدمات كل أنواع مواد التنظيف، ولا تخونني عينيّي وأنا أشاهد رجالًا ونساءً، ينظّفون ساحات بيوتهم ومحيطهم، وأجزم بأن من كانوا كذلك، فإنهم اتّخذوا من الصّحّة نموذجًا شخصيًّا مصغّرًا، طبّقوه على أنفسهم، دون أن يطلبوا الاستعانة بقسم النّظافة البلدي. النّظافة قيمة حضاريّة عليا، يجب أن تكون من ضمن الأولويات المجتمعيّة، لكنّ التّفاوت في التربية في المجتمع الواحد يخلق فوضى بيئيّة، حيث ارتكبت إدارات البلدية المتعاقبة، أخطاءً بالتعامل مع موضوع الصحّة العامّة، واختلط الحابل بالنّابل، دون أن تحدد الإدارات سياسةً واضحة، لتدخُل على الخط المصالح الفئويّة والشخصيّة، مهمّشةً هيبة السلطة المحليّة في هذا الملف الهام جدًّا. يتوجّب على سلطة البلدية أن تحدّد للمواطن صلاحيتها في مثل هذا الأمر، وأن تبتعد عن المزاجيّة بموضوع هام مثل الصحّة. للأسف تعوّد المواطن أن يلقي بالنفايات قبالة منزله، لاقتناعه بأن على البلدية القيام بمهمة التنظيف، ممّا جعل المواطن يُهمل واجباته، وتقاعس عن تأدية واجبه البيئي البسيط المطلوب منه، حتّى تسرّبت المحسوبيات في هذا الشّرخ. لا أستغرب حجم الميزانيّة التي تخصصها بلدية موتسكين لقضية الصحّة، فكلّما ارتفعت ميزانيّة الصحّة، فإنّه مؤشّر على وجود خلل في تصرفات النّاس، وأصبحت على قناعةٍ بأن مدينتي تُنتِج نفايات بصورة مريبة، وإن ذهب البعض إلى تفسير أن شفاعمرو تقع على مساحةٍ واسعةٍ، يقع في المغالطة، فكل شيء متعلق في الصحّة، يبدأ من تربية البيت وينتهي إليه. المواطن الذي يتجوّل يوميًّا بسيارته يستطيع أن يضع فيها أكياس القمامة، ويلقي بها في المكَب الشرقي، في المنطقة الصناعيّة، لكن للأسف هناك مجموعة كبيرة من السّكان انضمّت لمنتدى الاتكاليّة!! تنتظر أن تمر رافعة البلديّة أمام بيوتها لترفعُ قاذوراتها، وقد تنتظر مرورها أيامًا وأسابيع. في المجالس الفارغة نكيل التهم للسلطة، والحقيقة إنّنا فقدنا الانتماء للبلد، كما فقدنا قيمة اسمها الصحّة العامّة، والبند في ميزانيّة النّظافة سيواصل ارتفاعه، ما دمنا لا نفهم واجبنا، ونحن لا نريد أن نستوعب بأن جمال البلد ينعكس على جمالنا الشخصي