هل السياسة حكر على الرجال فقط؟ قد يبدو هذا السؤال في غير مكانه هذه الأيام وخاصة في بلد مثل كندا أو في العالم الغربي عموما حيث إن ممارسة المرأة للسياسية هو أحد أهم أركان الديمقراطية. وطبعا الحالة مختلفة تماما في عالمنا العربي حيث تتنوع المقاييس والمفاهيم وطبيعة الحكم السياسي. ونحن هنا نتحدث عن التاريخ العربي الحديث لأن السجل العربي القديم من حيث نظرته للمرأة من الناحية السياسة كان متطورا جدا مقارنة مع أيامنا هذه ونذكر الملكات سبأ وزنوبيا وشجرة الدر.
نحن نعرف ما يجب أن يكون وهو أن السياسة ليست حكرا على الرجال لأنها من شؤون المجتمع الرئيسية التي تهم الرجل والمرأة على حد سواء وهي وسيلة لممارسة حق اجتماعي ووطني في تقرير أو على الأقل المساهمة بشكل مباشر أو غير مباشر في تقرير توجه البلد السياسي والاقتصادي ورسم استراتيجيته الحالية والمستقبلية. وهذا أمر مهم جدا لنا جميعا ويجب ألا يكون حكرا على جزء معين من المجتمع.
وإذا نظرنا بسرعة وأجرينا مقارنة بين الغرب والعالم العربي أو العالم النامي لرأينا بعض الاختلاف ولكن من المدهش أن بعض الغرب المتقدم لازال يشبه الشرق النامي في بعض الجوانب عندما يتعلق الأمر بالمرأة والسياسة مع التحفظ طبعا على أن الغرب يبقى متقدم عن الشرق في العموم لا في الخصوص.
إن ممارسة المرأة لدورها في العمل السياسي في العالم الديمقراطي أو في الدول الغربية أصبح شائعا جدا وهناك أمثلة كثيرة مثل تدل على ذلك ومنها نسبة النساء المشاركات في الانتخاب والعمل السياسي. ألمانيا مثلا رئيسة وزرائها امرأة والولايات المتحدة وزيرة خارجيتها امرأة وهذه من الحقائب الوزارية المهمة والحساسة في سياسة بلد مثل أمريكا وطبعا لا ننسى هيلاري كلينتون زوجة الرئيس الأمريكي السابق التي رشحت نفسها لتكون أول رئيس امرأة للولايات المتحدة وهذا أمر غير مسبوق لبلد مثل الولايات المتحدة حتى في وقتنا هذا. وطبعا كان الشعب البريطاني من السباقين بإختيار رئيسة وزراء له في القرن الماضي وهي تاتشر وطبعا ملكته في التاريخ كانت امرأة مرات عدة وفي أيامنا هذه هي تملك ولاتحكم.
إذا هناك أمثلة تدل على التقدم في هذه الناحية وهناك أمثلة تشير فيما تشير إلى أن الشعوب ليست مؤهلة بعد كما هي الحال في الولايات المتحدة أو كندا لهذه الغاية حيث لم تصل امرأة الى منصب رئيس أو رئيس وزراء. ولكن يبقى الغرب متقدم بالنسبة لعالمنا العربي رغم أنه في بلد مثل سوريا المرأة نائب رئيس وفي مصر المرأة وزيرة وتحمل حقائب مهمة والبرلمان في هذه البلدان فيه عدد كبير من النساء رغم أن تقاليد ممارسة السياسة تختلف عن الغرب الديمقراطي في جوانب كثيرة. ولكن مجرد فكرة أن المجتمع وصل لتقبل هذه الفكرة وهذه الظاهرة هو أمر في غاية التقدم.
طبعا هناك تمثيل نسائي ودور سياسي في بلدان عربية أخرى ولكنه ليس عمومي على مستوى الشعب وواضح في البرلمان. وهنا لا ننسى زوجة حاكم قطر والدور المتقدم لها في تطوير مجتمعها بما فيه العامل النسائي. طبعا لبنان لديه تاريخ في حرية التعبير وكان لديه سيدتين أعضاء في البرلمان.
دور المرأة العربية في السياسة في الدول العربية يجب ألا يبقى في اطار التمثيل الوزاري والوصول الى مناصب في أعلى الهرم. أي يجب أن يتوسع ليشمل النشاط في الأحزاب والمؤسسات السياسية واللجان والهيئات الانتخابية والمنظمات التي تساعد على تطوير المجتمع من الناحية السياسية.
أما في الدول غير العربية فهناك تركيا ورئيسة وزرائها في القرن الماضي تانسو تشيللر تذكرنا بتاتشر من بريطانيا بعزمها وارادتها وابرز الأمثلة وربما من أكثرها عراقة في تاريخ الشرق الحديث هي أنديرا غاندي رئيسة وزراء الهند التي رأست بلدها في فترة من أصعبة المراحل التاريخي إبان الحرب الباردة.
المرأة العربية وغير العربية أثبتت نفسها ومقدرتها السياسية وحتى الحربية في التاريخ ولكنها اليوم في الغرب تتطور وتسعى لتصل الى ما كانت وصلت اليه في التاريخ ونتمنى أن ينطبق ذلك على المرأة العربية في الدول العربية وفي المهجر