حول كُتيِّب "ذكراهُم معطَّرة بالوفاء"

بقلم: زايد صالح خنيفس

كان لا بدّ لي من مراجعة صفحات الماضي لتكون مرورًا وعبرةً لحاضر ومستقبل نحاول رسمَ لوحة أملٍ ومد جسور من الوفاء والمحبَّة، لنتعلّم ممن سبقونا كيف تتبلور المواقف وتصنع رجالًا في محطّاتها القاسية. كُتيِّب "ذكراهم معطرة بالوفاء" يتناول سنوات الثلاثين والأربعين ومع تبلور فكرة إقامة كيان للشعب اليهودي على أرض فلسطين، ابتداءً من وعد بلفور عام 1917، واستيلاء الانتداب الإنجليزي على بلادنا. 

ظهرت الوكالات والشخصيّات اليهوديّة من أجل تحضير الأرضية الخصبة لإعلان قيام الدولة العبرية، والتي كانت نتيجتها بدء عمليات مقاومة عربيّة، قادتها شخصيات فلسطينيّة بارزة... عانت الأقليّات الطائفيّة مثل الدروز من الصراع الدّائر بين القوى المتناحرة على سيادة البلاد، ممّا ألهَم القيادة الرّوحيّة والزمنية في شهر تشرين الثّاني من عام 1930، الإعلان عن الحياد السياسي في رسالة وجِّهت لفخامة المندوب السّامي في فلسطين، مؤكّدةً فيها على أهميَّة وجود تمثيل درزي في المجلس التشريعي الذي شكّله الانتداب الإنجليزي.

من ضمن ما جاء في الكتيِّب أنه سلِّط الضوء على شخصيَّة ألَا وهو الشيخ حسن صالح خنيفس الذي وُلِدَ عام 1883 وقُتِلَ في تاريخ 1939/1/1 على يد من ادّعوا الثورة، وراح معه المرحومَين الشيخين حسين قاسم شاهين وعبدالله شوفانيِّة بعد اختطافهما من بيتهما ليلًا.

شكَّلت هذه الجريمة في حينه منعطفًا هامًّا في تاريخ المنطقة والبلاد، كون المغدور الشيخ حسن خنيفس من الشيوخ المعروفين والذي قُلِّد في البياضة الزاهرة العباءة المقلّمة، حيث تدخَّل المغفور له سلطان باشا الأطرش في الأحداث مرسلًا وفدا لفلسطين برئاسة المغفور له عبد الغفّار باشا الأطرش، من أجل الوقوف على حقيقة ما تمر به عشيرته ووضع حدٍّ للظلم الواقع عليهم.

تطرَّق الكتيب إلى مواقف وفد جبل العرب في لقاءات مع الوفد الفلسطيني الذي شُكِّل لفحص أسباب الخلافات، وتكللت المساعي في إحلال صلح شفاعمرو المعروف في تاريخ 1940/1/14. وقف نجل المرحوم الشيخ صالح خنيفس، لردِّ ديّة والده إكرامًا لوفد جبل العرب، فاتحًا صفحة جديدة بين أبناء الشعب الواحد.

الكتيِّب تطرق إلى مشروع محاولة نقل دروز شفاعمرو والكرمل وغيرها إلى سوريّة وجبل العرب على خلفية الأحداث الدّامية وتجميد هذا المشروع إثر صلحة شفاعمرو، واعتبار تدخُّل وفد جبل العرب بتوجيهات من سلطان باشا الأطرش، وتعزيز مبدأ حفظ الإخوان خلال القرن الماضي.

احتوى الكتيب على صور ومستندات تاريخيّة هامّة، برزت فيها شخصيات مركزيّة، وأُهديَ الكتيب إلى أرواح من ضحّوا من أجل صون كرامة عشيرتهم وأرواح وفد جبل العرب، وإلى روح الدكتور نايف حمزة، وروح قائد ثورة سوريا الكبرى سلطان باشا الأطرش.