شفاعمرو بين جولتَين

بقلم: زايد صالح خنيفس

تبقّى على يوم الانتخابات المحليّة ما يقارب الشهرَين، وحرارة المعركة ما زالت منخفضة في شفاعمرو وغيرها، والأسباب عديدة لكنّ أهمها الأوضاع السياسية العامة السائدة في الدولة، وتردّي في الأوضاع الاقتصادية إثر الانقلاب القضائي المزمع إجرائه، وتصاعد موجة الاحتجاجات المناهضة التي تعم البلاد منذ ستة أشهر، والأهم تفشّي ظاهرة العنف والقتل في الوسط العربي تحديدًا، وانتقال عدوى الإجرام إلى عصب السلطة المحليّة في محاولة لابتزاز الميزانيات المخصّصة لمشاريع تصبُّ في خدمة المواطن. شفاعمرو على موعد في الحادي والثلاثين من تشرين الأول مع تقرير مصيرها البلدي، ووفق المستجدّات فإنها ليست على موعد مع مفاجآت دراماتيكية، خاصة مع بقاء غالبية القوائم ومرشَحيّ رئاسة خاضَا جولات انتخابية عديدة ووجود مرشَّحَين جديدين، يجربان حظّهما في تغيير الرسم السياسي الشفاعمري الصّعب. لن ندخل بين سُطور هذا المقال بمسارات يفوح منها رائحة انتخابيّة ودوري ليس توجيه الناخب إلى مرشح أو قائمة، بل إن الهدف إدراك الأمور المصيريّة التي يتوجّب علينا فهمها وأن تكُون البوصلة التي توجّهنا نحو إبقاء مدينتنا حصينةً أمام التحدّيات وخاصّة نقلها نقلة نوعيّة في كل المجالات الحياتيّة حاملةً اسم "مدينة بكل المعاني". على مدار أكثر من مئة عام ترأس بلدية شفاعمرو ستة رؤساء، لأن تركيبتها الاجتماعيّة لا تتعجّل بتغيير رؤسائها، وتتحسّب لأي تغيير وتعمل كل حساباتها في الحفاظ على نسيجها الفريد من موقع المسئوليّة وفي تناغم يحفظ توازنات وحق كل فئة في قيادة السفينة إلى بر الأمان. لقد ذَكَرتُها في أحد مقالاتي السابقة بأن من يريد الجلوس على كرسي رئاسة بلدية شفاعمرو يجب أن تتوفّر بشخصه صفات قيادية مميزة، ومن يظن بأن مدينة كشفاعمرو تُدار بشكل وظيفيّ فلن يستمر طويلًا، وكما ذكرتها في إحدى المجالس التي جمعتني بأهل الخير في المدينة، قلت لهم بأنه على مرشح الرئاسة الذي قد يحالفه حظ الفوز برئاسة البلد، بأنه يحمل إرثا تاريخيا عمره أربعة آلاف سنة، منذ خراب الهيكل الثّاني في أورشليم إلى هذا اليوم، وحينها كان يتبع لشفاعمرو 22 قريّة، لكونها ناحيةً في العهد العثمانيّ. أغالط نفسي وضميري إن قلتُ بأننا في هذه المدينة على أحسن حال، بل إنها تحتاج إلى وثبة تخطيطية في كل المرافق الحياتيّة والاقتصادية والعلمية والصحية، ولا يُعقَل أنه في القرن الحادي والعشرين ما زلنا نفتقر إلى مؤسّسات حكومية خدماتيّة وجامعة ومستشفى، وتحتاج إلى ترميم شامل للبنية التحتية. شفاعمرو بين جولَتين الأولى بدأت مع الماضي الذي صنعه الآباء والأجداد ورجالات حاسمة وضعت أسس ثابتة للأجيال الآتية، والجولة الثّانية سوف تبدأ مع القيادات الحالية التي يجب عليها إكمال رسالة من سبقوهم للنهوض بهذه المدينة بشكل حضاري، والحمل ثقيل ومن حقنا أن نمنح أبناءنا حياة كريمة، يرسمون رؤيا مستقبلية واعدة لبلدهم.