[x] اغلاق
أنـا ولعنة حُبكَ!!
12/9/2023 9:27

 أنـا ولعنة حُبكَ!!

بقلم: مارُون سَامي عَزّام

أيها الماضي الجبار، أرجِع حبيبي إلى معتقلات تأنيب الضمير لتُعذِّبه عذابات رهيبة لم يرَ يومًا مثيلها طيلة حياته، فهو بات لعنةً تسكنني رغمًا عنّي، تحوَّلتْ إلى مُبَصِّرة تبصِّر قعر فنجان قهوتي الأسود، تقرأ لي خبايا مستقبلي، لتُفهِمَني أنّي قَدَره ولن أفلتَ أبدًا منه... أيها الحب لماذا رسمتَ شَكْل حبيبي السّابق على صفحاتكَ فارسًا عربيًا من فرسان "الشّهامَة"؟!، وهو في الحقيقة كان قائدًا لكتيبة رسّامي بلاط المتآمرين الذين على شاكلته، فرسَمَتْني كلماته أَمَةً على صفحته، لتخدم معاني خاطرته... لتنحني لمرادفاته الآمرة!

لم أعلَم أن لعنة حبّكَ ستبقى ترافقني، خَرَجَتْ من إبريق هاجسي، تستعد لقمع أركان قيَمي الاجتماعية، لكَي تُحقق لكَ هدف إهانتي. صرتُ أعاني من متلازمة القلق الاجتماعي، ولَّدَتْ في داخلي حالة ذعُر. لعنة حبكَ مُعَلَّقَة على باب احتمالي، إنّي أخشى أن أفتحه خوفًا من هروب صبري. سأقاوم بحزم لعنتكَ ولن أرضخ لها، ولن تقدِر أن تساومني على ضميري!!

دماء الخوف تجري في ملامحي جراء لعنتك التي سحَبَتني نحو دوامات الأنين اللولبية، مقتلعةً قلبي الآمن من صدري... مقتلعةً الزمن الذي لم أقوَ عليه في السّابق، فخلَّفت حولي دمارًا نفسيًّا وقفرًا مخيفًا من الأحزان. صارت نيران لعنتك تشتعل من حولي تلقائيًّا، فأشْعَلَتْ عيدان الذاكرة، مُضيئَةً لي حقل الذكريات المعتم، أسير فيه لوحدي على مهل، لئلّا أقَع في حُفَر أفعالكَ من جديد. 

كيف أتخلَّص من هذه اللعنة المقيتة؟! أو بالأحرى كيف أستطيع أن أميزها؟! تظهر لي كل يوم، تارة على شكل أشخاص من عالم الغيب... تارة على شكل طيور منقرضة من العالم القديم... تارة أخرى على شكل مجموعة من ملوك الفراعنة كل واحد منهم يحمل لي حرفًا من حروف الأبجديّة، وعندما يتَّحدون معًا يتجَسِّد اسمكَ أمامي، فأفزع منه لأني كرهته، سَئمَتُ من نفسي، ابتعدتُ عن كل شخص له صلة بكَ.   

أتجنَّب أي فتاة تذْكُر اسمك أمامي، لأنّي أعْلَم حالًا أن روحك قد تقمَّصت شخصيتها! أصبحتْ لعنتكَ تتحكم بي كما يحلو لها، تلازم يومي، مطبوعةً على جبهتي كالوشم!!، أيُعقَل أنّني ما زلتُ أحبكَ؟! سؤال لا حكمة فيه، لأن مجرد ذكري لك، دليل قاطع على اهتمامي بك، فهذا بطش وتنكيل بمحاولاتي نسيانك... فأنا بهذه التصرّفات أبرر حبي لك.

عندما مرَرتَ من جانب بيتي ارتجَفَتْ دعائمه، فارتعبتُ خوفًا من زلزال لعنتكَ الذي ضرَب منزلي، لدرجة أنه دبَّ الرُّعب في قلمي، وقد نجح مؤقَّتًا بأن يخربش فوق براءة الورقة، لكنّ قلمي بقي متمسِّكًا بقبضة يدي، وكتبنا سويًّا إعلان النعي لعلاقتنا بدواة الافتراق، حاولتْ لعنتكَ أن تسحبه من يدي لتلقي به أرضًا لكنّها تراجعتْ، بعد أن تحدَّيتها بتفكيري، قاومتها بعنادي. هذه اللعنة حلتْ عليّ بعد أن صدَمْتَني صدمةً قاتلة، عندما نزَلْتَ مسرعًا عن صهوة عشقنا، وكأن دبّور الغدر لسعَكَ، أدركتُ أنّك خبّأتَ في جَيبكَ السّريّ مرآة أخرى لامرأةٍ سواي، عَكَسَتْ عليكَ صورتها!!، وهنا بدأ دخان امتعاضي يتصاعد بكثافة من مَدْخَنَة اشمئزازي.

إنّي أضرع إلى الله أن يبعدك عني مليون سنة ضوئية، حتى لا تطالك صرخة ألمي. لا تعتقد أن عدوى حبك عادت وتفشَّت في جسدي، صدقني هذا آخر ما أتمناه! لا أعرف كيف سمحتُ لكَ أن تعَبْثَ بحبي طيلة هذا الوقت؟! تتلاعب بخيوط أحاسيسي من وراء الكواليس، تقذف مشاعركَ فوق شبكة ظنوني، لئلّا ألتقطَ خيانتكَ لي. الآن أنا أعيش تفاصيل وقت فراغي المتهالك، أجمَع في حضن حياتي فتات لحظاتي الجميلة، اقتسمُ رغيف نصيبي مع خبّاز الحظوظ، لعل فُرن الأيام الملتهب بالانشغالات، يستطيع حَرْقَ لعنة حبك!!...