[x] اغلاق
أنوثة شرسَة جدًا!!
3/1/2024 11:33

أنوثة شرسَة جدًا!!

بقلم: مارون سامي عزّام

 

امرأة لَكَمَها عنادها لكمةً قاضيةً... أبعدت تفكيرها عن ديوان أصالتها... شطَّت عن رعاية حياتها الشَّخصيَّة واهتمَّت بمراعاة مسيرتها العامّة الضّاغطة. جمالها متعَب من استعراضها له منذ أيّام المراهقة، إذ لم يعُد يتنقل بخفة بين تقاطيعها، تدّعي أن خريطة تحركاتها محايدة، لا تُضايق أحدًا، ورغم هذا ما زالت حيويّتها تركض معها، مطرقة صدمات الماضي الصَّلبة تريد كَسْر طوق الأنانيّة الذي يحاصر تفكيرها. مشاعرها هشَّة ستتكسَّر في حال توتُّرها، لانزعاجها من ملاحَقة المحقِّقين الاجتماعيِّين لها الذين يحقِّقون طويلًا في مصيرها الغامض، لأنَّ أنوثتها تعدَّت على حدود العمر، ووصلت إلى سنّ التقاعد عن الجاذبيَّة.

في جعبة هذه السَّيِّدة محفظة لذاكرتها، فلا يُعقَل أنها نسيتني. رغم خلفيّتي الشّاملة عنها، إلّا أنّي قرَّرتُ أن أقفز خطوةً أخرى إلى الأمام نحو مصارحتها، فهل ستهيج مشاعرها عَليّ أيضًا؟!، لتقهر قدراتي على إقناعها بأنّني فعلًا من طراز آخر، أعتقد أنها لن تجرؤ على رفض طلبي بالذّات، فسجِل خدماتي لها محفوظ لديّ، ولن تتجاهله، وخاصّةً عندما تتذكَّر فترة زياراتها المتكرِّرة لي لتطلب منّي خدمةً ما، ومن جهتي لم أخذلها يومًا، وكانت كل مرّة مفعمة أكثر بالرِّضى منّي. 

من منظور المودَّة المتبادلة بيننا، قلت لها بطريقة تعبيريَّة التفافيَّة أنني معجب بها، فَهِمَتني إنّما لم تقل شيئًا، وكأنها صُدِمَتْ، فقلت: "الله يسترني من جوابها"، لقد شعرتُ أن هذا هو الهدوء ما قبل الإعصار الذي سيجتاح المنطقة التي تفصل ما بين شفتيها وقلبها اللذين يتعاملان مع بعضهما كراعييّ بَقَر شَرسين، ينتظران لحظة إشهارهما مسدَّسَا تناقضهما، ليطلقا النار عليّ، حتّى أقع بينهما، أنتظر سماع زئير رفضها الذي سيدوِّي في غابة مشاعرها البرية، التي تعترف بشرعية الغاب. 

بعد قليل تحوَّلت إلى كتلة ناريَّة من الغضب، زأرت بوجهي زئيرًا أقوى من صوت الأسد!، لم أتوقّع ردّة فعلها العنيفة، عنَّفَتني بكلمات سَقَطَت على أرض نكران الجَميل، اعتقدتُ أنها تُقدِّر ما قدَّمته لها... منذ تلك الواقعة غير المتوقَّعة، صرتُ أراها عامود نار، أخشى الاقتراب منه، بعد أن أحرق رداء رقتها. وضعتُ بيني وبينها خطًّا أحمرَ لئلّا أتخطاه مجددًا، فإذا تخطيته ثانيةً ستضعني بين فكَي غضبها، وستمزق ما تبقّى من أسمال إعجابي بأسنانها، لذا أقمتُ بيني وبينها فاصلًا مائيًّا تعوم فيه قوارب تخوفي منها. 

كان هدفي السيطرة على حمولة تفكيرها غير المنطقيّ، لأسرق منه صواريخ كبريائها غير التقليدية، تؤمن أنها الوحيدة التي تحمل أسلحة النظرات الحادة التي تذبح العنق الضيق لتفكير أي شاب، "تتمتع" بحاسة استشعار عن بُعد، تَعْرِف فورًا إذا كان يشتهي التقرب منها. آمنتُ أنها لم تنكسر يومًا أمام أحد... آمنت أنها لا تسير على الأرض إنما فوق جسر مُلغَّمٍ بمتفجّرات استهتارها، لكنّي لم أومن أنّها شرسة جدًّا لهذا الحد، تحمي جسدها المترهِّل من قنابل الشّهوات، يجمع تحت جلده خلايا أنثوية شرسة، تقضي على مضادّات وعيها.  

إنَّها تُحلِّق في منطاد قدرها، تتنقل كالرحالة من عام لآخر، دون أن يستقر على أرضيَّة راحة بالها، ولا بدّ أنها يئست من العَدو خلف أقمار الحظ التي لم تبث لها صورة أمل واضحة، ومن غير اللائق أن تبقى بدون ملامح السَّيِّدة الجادَّة غير المضطَّربة، من أجل أن تروِّض أنوثتها الشرسة، لتشعر ببرودة أحاسيسها المحتاجة لولّاعة رجُل تشعل لهيب أمانها، حتّى تحميها من عواء ذئاب الندم!!